عربية إسلامية خالصة، وقد أثرت فى الأدب الإسبانى إذ استوحيت منها قصة موريسكية هى قصة الصنم والملك وابنته وقصة (الكريتيكون) للكاتب الإسبانى اليسوعى جراثيان المنشورة فى منتصف القرن السابع عشر، وأثرت القصة آثارا مختلفة فى الآداب العالمية على نحو ما هو معروف عن قصة روبنسن كروزو لكاتبها الإنجليزى دانييل ديفو.
ويعرض الفصل بعد ذلك فن المقامات فى الأندلس وسلوك بعض أصحابه مسلك الحريرى فى مقاماته القائمة على الكدية والشحاذة والتفاصح بالسجع والتعبيرات الأنيقة، مع عرض المقامات اللزومية للسرقسطى وبيان التزامه فيها ما لا يلزم من تعدد الحرف فى قوافى السجع محاكاة لأبى العلاء فى لزومياته، وتغلغله ببطل مقاماته فى أعماق المحيطات بالإضافة إلى ما تنقل بينه من البلدان العربية. وذكر-فى إجمال-ما أثرّ به فن المقامات فى الأدب الأندلسى إذ نشأت على غراره فى القرن السادس عشر للميلاد وخلال القرن السابع عشر قصص سميت بالقصص البيكارسية، وبطلها «البيكارو» يتجرّع-كبطل المقامات-آلام البؤس والفقر، ويعيش على التسول والشحاذة متوسلا إلى ما يكتسبه عن طريقهما بحيل وخدع شتى يستحوذ بها على إعجاب الناس فيوسعونه حفاوة وعطاء.
وتحدث الفصل عن رحلات الأندلسيين وبواعثها الكثيرة لأداء فريضة الحج والزيارة النبوية، وللإلمام بمراكز الثقافة فى المشرق والأخذ عن الشيوخ: أخذ المؤلفات والإجازات، وللسفارة إلى ممالك النصارى فى الشمال وأصحاب الإمارات المختلفة فى الأندلس ولمرافقه حكام غرناطة وسلاطين المغرب فى رحلاتهم، وللفرجة على ما وراء البلاد العربية فى آسيا وشرقى أوربا واكتشاف المجهول فى تلك الديار النائية من الأمم وظواهر الكون. ومن أطرف تلك الرحلات رحلة أبى حامد الغرناطى إلى بلاد البلغار والصقالبة وروسيا، ورحلة ابن جبير فى البلدان العربية، وتتميز بدقة الوصف وجمال السرد والأسلوب المرسل العذب.