فمسلمات كلهن، يقول: ومن أعجب ما حدّثنا به خديمه: يحيى بن فتيان الطرّاز أن الإفرنجية من النصرانيات تقع فى قصره، فتعود مسلمة، تعيدها الجوارى المذكورات مسلمة، وهنّ على تكتم فى ذلك كله، ولهنّ فى فعل الخير أمور عجيبة. . وأما فتيانه الذين هم عيون دولته وأهل عمالته فى ملكه فهم مسلمون، ما منهم إلا من يصوم الأشهر تطوّعا وتأجّرا (طلبا للأجر) ويتصدّق تقربا إلى الله وتزلفا، ولهم فى فعل الجميل أخبار مأثورة».

وهى وثيقة تاريخية مهمة فيما كان من تعاون بين النورمان النصارى والمسلمين فى أيام ملوكهم الأولى بصقلية. ويتنقّل ابن جبير فى الجزيرة، ومما يذكره عن نساء النصارى فى «بالرم» العاصمة أنهن كن يلبسن نفس زىّ المسلمات ويتحجّبن مثلهن منتقبات بالنّقب الملونة كما يتزيّنّ على طريقتهن، ويقول إنهن فصيحات. ومع ذلك كله يقول ابن جبير إن راية الإسلام ستنكّس هناك وسيصبح كل ما للمسلمين من مساجد وغير مساجد هناك أثرا بعد عين، وصدق حدسه. وقد أبحر من صقلية إلى قرطاجنة على الشاطئ الأندلسى ومنها إلى غرناطة. والرحلة-بحق-ممتعة لا بأسلوبها الأدبى المرسل البليغ فحسب، بل أيضا بملاحظات ابن جبير الدقيقة المتنوعة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015