طريقة الأدباتية أصحاب الكدية ممن يصفون فى أشعارهم بؤسهم وحرمانهم وما يسود حياتهم من ضنك وفقر وإقلال طلبا للنوال، وكان له ابن رحل إلى غربى الأندلس وعرف أنه عاش هناك للمجون والشراب فكتب إليه رسالة طويلة حاكى فيها الجاحظ مستمدا من رسالته التربيع والتدوير وما فيها من هزل، وقد ذكر منها ابن بسام فصولا فى ترجمته له (?). ولأحمد بن عباس وزير زهير صاحب المرية المقتول معه سنة 429 رسالة هزلية بديعة فى وصف رسول بكتاب أرسله إليه أبو المغيرة بن حزم، ورد على رسالته أبو المغيرة مستوحيا شيئا من هزله (?)، وسنلم لابن شهيد برسالته: التوابع والزوابع وما فيها من سخرية وأيضا بالرسالة الهزلية لابن زيدون. ويذكر ابن بسام لابن طاهر الذى ألممنا به طائفة من رسائله فى الدعابة والهزل، ومرت بنا رسالة أبى الحسين سراج بن عبد الملك فى الشفاعة التى بناها على الدعابة لشخص يسمى الزريزير مستغلا فى وصفه طائر الزرزور، وكأنه هو نفس هذا الطائر، وطارت شهرة الرسالة-كما أسلفنا-فى الأندلس وحاكاها كثيرون من أعلام الكتابة بغرض الفكاهة والدعابة. وهو جانب واسع فى الرسائل الشخصية الأندلسية مثل وصف الطبيعة والجهاد والحرب. وحرىّ بكل جانب من هذه الجوانب أن تجمع رسائله مع مقدمة تحليلية توضح روعته الأدبية، وحسبنا الآن أن نلم ببعض رسائل أدبية اشتهرت للأندلسيين.
ابن شهيد (?) هو أحمد بن عبد الملك بن أحمد بن عبد الملك بن شهيد الأشجعى القرطبى، فهو من أصل عربى، كان جده الأعلى عبد الملك بن شهيد وزيرا للأمير محمد (238 - 273 هـ) ووز ابنه أحمد لعبد الرحمن الناصر ولقبه بذى الوزارتين ومر بنا فى الفصل الأول ذكر هدية نفيسة له إلى الناصر تدل على أنه كان من أكثر أهل قرطبة ثراء، وولد له فى سنة 323 ابنه عبد الملك وأصبح فيما بعد وزيرا للمنصور بن أبى عامر، وولاه على الولايات الشرقية: بلنسية ومرسية مدة تسع سنوات، وعاد مضيفا منها إلى ثرائه