أو خرطومه، وتقرفص وتكوّم كالأفعوان، وكاد يتجمد، فحشو الجو من فوقه إبر من الثلج اللاسع، وأرضه قوارير من الجليد اللاذع، وجفّ ريقه فى حلقه فلا هرير ولا نباح، ولا نار لمصطل، فالرياح العاصفة لها بالمرصاد حتى لكأنها الطائر الخرافى المسمى عنقاء مغرب.

ونمضى فى عصر الموحدين، ونلتقى فيه بصفوان بن إدريس المتوفى سنة 598 المار ذكره بين شعراء الغزل والمدائح النبوية، وله من رسالة ينهئ بها أبا القاسم بن بقى حين تولّى خطة القضاة سنة 592 وفيها يقول (?):

«حسن الأيام وجمالها، ومآل الآمال وثمالها (?)، وبصر المعارف وسمعها، وواحد الفضائل وجمعها، أبو القاسم بن بقى بن مخلد، بورك فى والد وما ولد:

نسب كأن عليه من شمس الضّحى … نورا ومن فلق الصّباح عمودا

. . نفع الحقّ به علله، ونقع غلله (?). . عمادى الأكرم، وملاذى الذى أنفخ من حدّه فى ضرم (?)، وأحلّ من الاختصاص به محل الحرم، تخيرّت علاه ومن أخصب تخيّر وما كنت إلا كالغريب ارتاد الجوار، والمحلّى انتقى المعصم حين صاغ السّوار. . والله- تعالى-يديم مدة قاضى الجماعة الأسرى (?)، وكلم حمده أسير من الأمثال وأسرى (?)، ونعم الله سبحانه عليه تترى، وما يريه من نعمة إلا هى أكبر من الأخرى». والتورية واضحة بين الأسرى وأسرى، وهى تكثر فى نثر الأندلس وشعرها منذ هذا التاريخ.

ولسهل بن مالك-بأخرة من عصر الموحدين-رسائل شخصية بديعة، وسنخصه بكلمة، ولأبى عبد الله بن الجنان المترجم له بين شعراء المدائح النبوية من رسالة يعزى بها أبناء سهل حين توفى استهلها بقصيدة أو بمرثية طويلة وفيها يقول (?):

«يا له حادثا، جمع قديما من الكروب وحادثا، ومصابا، جرّع أوصابا، وأضحى كلّ به مصابا، لا جرم أنى شربت من كأسه مستفظعها، وشرقت (?) بها وبدمعى الذى ارفضّ (?) معها، فغالت خلدى، وغالبت جلدى، حتى غبت عنى، ولم أدر بآلامى التى تعنّى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015