الأحمر، وبها نشأ لسان الدين، وعنى أبوه بتربيته، فبعد حفظه للقرآن الكريم ألحقه بحلقات علماء العربية والدراسات الإسلامية، وطمحت نفسه لمعرفة علوم الأوائل فلزم يحيى بن هذيل أهم علمائها فى زمنه. وتفتحت موهبته الشعرية مبكرة، وأخذ فى مديح السلطان أبى الحجاج يوسف (733 - 755) وهو أهم سلاطين بنى الأحمر فى القرن الثامن الهجرى، ويعدّ مؤسس قصر الحمراء المشهور بما أضاف إليه من غرفه وأبهائه الفخمة. وأعجب السلطان بأشعار لسان الدين فألحقه بدواوينه، وأخذ يلزم أبا الحسن بن الجياب رئيس ديوان الكتاب وشيخ العدوتين: الأندلس والمغرب فى النثر والنظم وسائر العلوم الأدبية، وعنى بالأديب الشاب، وما زال يعمل معه حتى توفى سنة 749 فولاه السلطان أبو الحجاج رياسة ديوان الكتّاب بعده، وتوفى السلطان سنة 755 وخلفه ابنه الغنى بالله، فازدادت حظوته عنده ورفعه إلى مرتبة. الوزارة. ونشبت ثورة ضد سلطانه واضطر إلى اللجوء إلى السلطان أبى عنان المرينى بفاس سنة 760 وصحبه لسان الدين هناك ولم يلبث أن جال فى بلاد المغرب واستقر بمدينة سلا زمنا، وعاد سلطانه إلى عرشه بغرناطة سنة 763 فاستدعاه وألقى إليه بمقاليد الحكم، ولقّبه بذى الوزارتين:

السيف والقلم، وانفرد بالحل والعقد فترة، ثم أخذ يشعر بدسائس كثيرة من حوله، فخشى على نفسه مغبة ذلك، فجمع حقائبه سنة 772 وتوجه إلى السلطان عبد العزيز المرينى بفاس فأكرمه. ولم يهدأ خصومه بغرناطة وفى مقدمتهم تلميذه ابن زمرك وقاضى غرناطة أبو الحسن النباهى ودسّوا عليه عند الغنى بالله أنه يحرض سلطان فاس على غزو الأندلس وضم غرناطة إليه ووصموه بالزندقة لما ذكر فى كتابه: «روضة التعريف» من عقيدة التصوف الفلسفية وما يتصل بها من الحلول وغير الحلول، ورفع ذلك إلى السلطان عبد العزيز المرينى فأبى تسليمه مبرّئا له مما وصموه به. . ولم يلبث السلطان أن توفى سنة 774 واضطربت الأمور فى فاس، وتولى سلطنتها-بمساعدة الغنى بالله-أبو سالم المرينى سنة 776 ولم يلبث أن أودع ابن الخطيب السجن إرضاء للغنى بالله. ولم يكتف تلميذه ابن زمرك بذلك، إذ قدم إلى فاس وعقد محاكمة لأستاذه فى مجلس السلطان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015