هو أبو المطرف أحمد بن عبد الله المخزومى من سلالة خالد بن الوليد، ولد سنة 582 بجزيرة شقر بين شاطبة وبلنسية، ونهرها يحيط بها من جميع الجهات، ولذلك سميت جزيرة، وطالما تغنى أبناؤها-من أمثال ابن خفاجة-بجمال طبيعتها.
وعنى به والده منذ نعومة أظفاره، فأدخله كتابا حفظ فيه القرآن الكريم وبعض الشعر، ثم دفعه إلى حلقات بعض الشيوخ، حتى إذا أيفع وشبّ أرسل به إلى بلنسية لينهل من حلقات حافظها وفقيهها وقاضيها أبى الربيع الكلاعى، وفيها أخذ يختلف إلى حلقات غيره من العلماء وخاصة حلقة ابن نوح الغافقى شيخ العربية وقواعدها النحوية. ودفعه شغفه بالاستزادة من العلم إلى الرحلة فى طلبه عند بعض العلماء المشهورين لأيامه، فرحل إلى شاطبة ونهل من حلقتى شيخها أبى عمر الشاطبى وقاضيها أبى الخطاب بن واجب، ورحل إلى دانية للأخذ عن ابن حوط الله الأنصارى، ونزل مرسية وأخذ عن شيخها عزيز بن خطاب، وسمع عليه كتاب المستصفى فى علم الأصول للغزالى وبعض كتب الصوفية. وطمحت نفسه مبكرا إلى أن يكون من أصحاب الجاه، وكانت فيه نزعة أدبية هيأته ليكون شاعرا، ولم يلبث أن عمل بديوان أبى عبد الله بن أبى حفص الموحدى حاكم بلنسية حوالى سنة 607 وهو فى نحو الخامسة والعشرين من عمره.
وظل بهذا الديوان سنوات متعاقبة، ونراه فى سنة 617 بإشبيلية، ولعله كان يريد العمل بدواوينها، وظل بها فترة اختلف فيها إلى حلقة الشلوبين إمام العربية بالأندلس فى عصره. وعاد إلى بلنسية، وكان قد وليها للموحدين سنة 620 أبو زيد بن أبى عبد الله بن أبى حفص فألحقه بديوانه مع صديقه ابن الأبار، حتى إذا كانت سنة 626 ثار على أبى زيد زيان بن أبى الحملات بن مردنيش واستولى منه على بلنسية، وظل ابن عميرة يعمل فى ديوان زيان حتى أواخر سنة 628 وأحسّ من زيان شيئا من