أو بيت. وكثيرا ما نلاحظ فى بعض عباراتها احتفالا بتوازن الكلمات توازنا ينتهى بها إلى السجع كما نلاحظ فى بعض جوانبها اهتماما بالتصوير، ومن أجل ذلك يقول النّظّام إنها «نهاية البلاغة لما تشتمل عليه من حسن التشبيه وجودة الكناية (?)»

واقرأ هذه الأمثال:

تجوع الحرّة ولا تأكل بثدييها (?) -المقدرة تذهب الحفيظة-مقتل الرجل بين فكّيه (?) -إنما المرء بأصغريه: قلبه ولسانه-من استرعى الذئب ظلم-فى الجريرة تشترك العشيرة (?) -ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد (?) -كذى العرّ يكوى غيره وهو راتع (?) -استنوق الجمل (?) -كالمستجير من الرّمضاء بالنار (?) حلب الدّهر أشطره (?) -يخبط خبط عشواء (?) -المنيّة ولا الدنيّة (?) تحت الرّغوة اللبن الصّريح (?) -هدنة على دخن (?) -رمتنى بدائها وانسلّت.

فإنك تحس جمال الصياغة وأن صاحب المثل قد يعمد إلى ضرب من التنغيم الموسيقى للفظه، فإذا هو يسجع فيه أو إذا هو ينظمه شطرا من بيت. وقد يعمد إلى ضرب من الأخيلة، ليجسّم المعنى ويزيده حدة وقوة. والحق أن كل شئ يؤكد أن العرب فى الجاهلية عنوا بمنطقهم واستظهار ضروب من الجمال فيه، سواء ضربوا أمثالهم أو تحدثوا أو خطبوا، وقد وصفهم جلّ وعز أو وصف فريقا منهم بقوله: {وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ»} وقوله: {وَمِنَ النّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا»}. وكأنما أصبحت المقدرة البيانية عندهم سليقة من سلائقهم، ولذلك لم يكن عجبا أن تكون آية الرسول صلى الله عليه وسلم على صدق رسالته معجزة بلاغية لا يستطيعون أن يجاروها هى القرآن الكريم {وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ»}.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015