بحفظها ولع بنى تغلب بقصيدة عمرو بن كلثوم، ويقول المقرى فى أزهار الرياض إنها من «غرر القصائد الطنانة» ويقول فى النفح: إنها «قصيدة فريدة فضحت من باراها، وكبا (?) دونها من جاراها» وفيها يستغيث:
أدرك بخيلك خيل الله أندلسا … إنّ السبيل إلى منجاتها درسا (?)
يا للجزيرة أضحى أهلها جزرا … للحادثات وأمسى جدّها تعسا (?)
وفى بلنسية منها وقرطبة … ما ينسف النّفس أو ما ينزف النّفسا
يا للمساجد عادت للعدا بيعا … وللنّداء غدا أثناءها جرسا (?)
طهّر بلادك منهم إنهم نجس … ولا طهارة ما لم نغسل النّجسا
واملأ-هنيئا لك التأييد-ساحتها … جردا سلاهب أو خطّيّة دعسا (?)
وهو يقول لأبى زكريا: أدرك الأندلس بخيلك: خيل الدين الحنيف فقد تعس حظّها وأصبح أهلها جزرا لسيوف النصارى. وإن ما حدث لقرطبة ويوشك أن يحدث لبلنسية لمما يروع النفوس ويخنق الأنفاس، إذ أصبحت المساجد كنائس وغدا الأذان والنداء للصلاة أجراسا لنواقيس النصارى، ويقول له إنهم نجاسة ينبغى أن تطهر بلادك منهم بما تسفك من دمائهم، إذ لا طهارة ما لم تغسل النجاسة وتمحها محوا، واملأ الأرض وساحاتها عليهم بخيلك وأسلحتك القاضية. وأثارت القصيدة أبا زكريا وملأت قلبه.
حفيظة وحمية وموجدة، فأمر-كما أسلفنا-بإعداد أسطول محمل بالمؤن والذخائر، وأرسل به مع ابن الأبار والوفد البلنسى المرافق له لإغاثة بلنسية المحاصرة، غير أن النصارى كانوا قد ضربوا حولها حصارا لم يستطيعوا اجتيازه، وسقطت فى أيديهم المدينة.
هو صالح بن أبى الحسن يزيد بن صالح بن شريف يكنى كنية مشهورة بأبى البقاء