ونرجو أن يتيح الله نصرا … عليهم إنّه نعم النّصير

وهو يقول للأندلسيين جميعا ولأمراء الطوائف: هبوا من نومكم للأخذ بثأر دينكم ولا تهنوا بل جالدوا أعداءه مجالدة ضارية، حتى تذيقوهم وبال عدوانهم الأثيم، وإنه لعار ما بعده عار أن تسالموهم وتقبلوا إجارتهم وحمايتهم لكم فإن فى ذلك هوانا لكم ما بعده هوان. ويستصرخ كل أندلسى أن ينازلهم حتى الذماء الأخير، عسى أن يجبر العظم الكسير. ومع روعة القصيدة وامتدادها إلى نحو ستين بيتا لم يذكر معها اسم ناظمها، وأكبر الظن أنها لزاهد طليطلة أبى محمد عبد الله العسّال، ومرّ بنا آنفا شعره حين استولى العدو على بربشتر، ولا يعقل أن يستولى ألفونس على طليطلة بلده ولا ينظم فيها قصيدة حارة يستنفر بها الأندلسيين لاستردادها، ونظن ظنا أنه نظم فى نجدتها لا هذه القصيدة فحسب، بل قصائد مختلفة يستثير بها مواطنيه كى ينقذوها من أيدى القشتاليين.

وكان يوسف بن تاشفين-كما مر بنا-حين استولى على إمارات أمراء الطوائف رأى أن يدع سرقسطة فى أقصى الشمال لأمرائها من بنى هود لاستبسالهم المستمر فى حمايتها أمام ملوك أراجون، حتى إذا خلفه ابنه على زيّن له الملتفّون حوله من الفقهاء ورجال دولته أن يأخذها من أيدى بنى هود، فأجبرهم على التنازل عنها، وسرعان ما أزفت الآزفة إذ حاصرها ملك أراجون سنة 512 واستولى عليها من يد المرابطين.

وكان ذلك نذير شؤم، فقد استولى النصارى بعدها على الثغور المجاورة، استولوا على كتنده جنوبيها سنة 514 وعلى تطيلة وطرسونة غربيها سنة 524. وفى سنة 539 انحسر ظل دولة المرابطين عن الأندلس، وانتهز الفرصة كثيرون من شخصياتها فسيطروا على بعض بلدانها، وسيطر من بينهم ابن همشك على جيّان واتخذ وزيرا له أبا جعفر الوقّشى أحد رجالات الأندلس النابهين وكان شاعرا، وما زال يقنع ابن همشك بالدخول فى طاعة الموحدين حتى ارتضى رأيه سنة 562 فأرسل به إلى يوسف بن عبد المؤمن فى عاصمته مراكش ليعلن إليه دخوله فى طاعته، وأحسن يوسف استقباله، وله فيه غير قصيدة، ونراه فى إحداها (?) يستصرخه لجهاد النصارى فى الأندلس ورد كيدهم فى نحورهم، وفيها يقول:

ألا ليت شعرى هل يمدّ لى المدى … فأبصر شمل المشركين طريدا (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015