ويلقانا فى مطالع القرن الخامس الهجرى كتابان عن التشبيه أحدهما سقط من يد الزمن واسمه «الفوائد فى التشبيه من الأشعار الأندلسية» لعلى (?) بن محمد بن أبى الحسين المتوفى قريبا من سنة 430 ويدل اسمه على أنه كان مختارات من التشبيهات لشعراء الأندلس، والثانى على شاكلته، واسمه «كتاب التشبيهات من أشعار أهل الأندلس» لابن الكتانى (?) أبى عبد الله محمد المتطبب المتوفى سنة 420 وكان من أهل المنطق والفلسفة، ومع ذلك لم يعن بدراسة تلك التشبيهات دراسة علمية على نحو ما صنع ابن طباطبا المشرقى المتوفى سنة 332 فى كتاب «عيار (?) الشعر» وتقسيمه للتشبيه فيه من حيث المادى الحسى والمعنوى الذهنى ومن حيث الصورة واللون والهيئة والتركيب، إنما عنى بعرض أبيات مختارة للشعراء الأندلسيين حتى زمنه، وهى موزعة على أكثر من ستين بابا، استهلها بأبواب فى وصف الطبيعة من سماء ونجوم وكواكب ورياح وأمطار ورياض، وأتبع تلك الأبواب بأبواب فى وصف الخمر والغناء والمغنين وآلاتهم فأبواب للجمال الإنسانى والحب ومشاعره، ثم أبواب تتضمن صور الصراع بين الإنسان والطبيعة من مثل قطع المفاوز والبحار وصيد الحيوان وكذلك الصراع بين الإنسان والإنسان فى الحرب وما يتصل به من آلات الحضارة ومن الأخلاق الفردية والاجتماعية مع العبرة بالشيخوخة والفناء.

وتعرض فى كل ذلك التشيبيهات الطريفة فى رأى ابن الكتانى لشعراء الأندلس. وعلى شاكلة هذا الكتاب كتاب البديع فى وصف الربيع لأبى الوليد إسماعيل بن حبيب الحميرى الملقب بحبيب (?) المتوفى بعد ابن الكتانى بنحو عشرين عاما قريبا من سنة 440 للهجرة، وكلمة البديع فى العنوان لا تعنى البديع بمعناه البلاغى الاصطلاحى، وإنما تعنى المستطرف المستحسن من الشعر والنثر للأندلسيين من أهل عصره مما يتصل بالربيع ويتفوق به الأندلسيون على أهل المشرق، كما يقول فى مقدمة الكتاب «لما لهم فيه من الاختراع الفائق والابتداع الرائق وحسن التمثيل والتشبيه ما لا يقوم أهل المشرق مقامهم فيه». وحقا للأندلسيين أشعار بديعة فى وصف الربيع والطبيعة، أما أنهم يتفوقون

طور بواسطة نورين ميديا © 2015