وحجت وسمعت هنالك الحديث والفقه وعادت إلى الأندلس (?). ومن لداتها ورفيقاتها رقية بنت تمام بن عامر وزير الأمير محمد وكان أديبا شاعرا وأحسنت ابنته رقية الكتابة حتى اتخذتها ابنة الأمير المنذر بن محمد (273 - 275 هـ) كاتبة لها (?). ومر بنا فى الفصل الماضى ثلاث من جوارى القصر الأموى كانت اثنتان منهن: مزنة وكتمان تكتبان للناصر، وكانت الثالثة لبنى تكتب للمستنصر، وكانت نظام كاتبة بقصر الخلافة أيام هشام المؤيد (366 - 399 هـ) وكانت أديبة بليغة تحسن تحبير الرسائل ومن إنشائها الرسالة التى عزّى فيها هشام المؤيد حاجبه المظفر بن المنصور بن أبى عامر عن أبيه وجدّد له العهد بالحجابة (?) سنة 392. ويدل على ما كان للجوارى فى قصور الخلفاء والوزراء وعلية القوم من ثقافة أنهن اللائى كن يقمن على تربية النّشء فى تلك القصور وهو ما يشهد به ابن حزم أحد أبناء الوزراء فى العهد الأموى إذ يقول عن نشأته فى أواخر القرن الرابع الهجرى بكتابه طوق الحمامة: «إننى ربّيت فى حجور الجوارى ونشأت بين أيديهن ولم أعرف غيرهن ولا جالست الرجال إلا وأنا فى حد الشباب وحين بقل (?) وجهى وهن علمننى القرآن وروّيننى كثيرا من الأشعار» (?). وتلقانا فى كتب التراجم من حين لآخر عالمات متعمقات فى العلم مثل ابنة فائز زوجة أبى عبد الله بن عتاب، وقد أخذت عن أبيها التفسير واللغة والعربية والشعر وعن زوجها الفقه ورحلت إلى دانية لأخذ القراءات السبع عن أبى عمرو الدانى المقرئ وكان قد سبقها إليه الموت فأخذت تلك القراءات عن تلميذه أبى داود بن نجاح فى آخر سنة 444 للهجرة (?). وكانت تعاصرها إشراق السويداء وقد برعت فى العربية واللغة والآداب واشتهرت بتقدمها فى علم العروض وعنها أخذه أبو داود المقرئ وقرأ عليها كامل المبرد وأمالى القالى (?) واشتهرت فى تلك الحقبة جارية الطبيب ابن الكتانى بحسن الغناء وبإحسانها لعلم الطب وتشريح الأعضاء مما يقصر عنه كثيرون من أصحاب الصناعة. (?) وتلقانا فى القرن السادس أم العز (?) راوية قراءة ورش عن أم معفر إحدى زوجات محمد بن سعد بن مردنيش