تقوّض الصرح الشامخ الذى شاده بالأندلس أمراء البيت الأموى وخلفاؤه، ونشأ عن ذلك تفكك الدولة واستقلال مدنها الكبرى بأعمالها وقيام النظام المسمى بنظام أمراء الطوائف أو ملوك الطوائف، وقد بدأ منذ زمن الفتنة (399 - 422 هـ) إذ أخذت العناصر المختلفة تقتسم تلك البلدان، فكان للصقالبة أكثر بلدان الشرق وللعرب والبربر بلدان الموسطة والغرب والجنوب. وتنافست هذه البلدان تنافسا أدى إلى طور حضارى راق كما أدى إلى نهضة واسعة فى الأدب والعلم. وفى الوقت نفسه أخذت تتحارب فيما بينها، بل أدهى من ذلك أن بعض أولئك الأمراء أدى الجزية صاغرا لمسيحيى الشمال مما قوّى فى نفوسهم فكرة استرداد الأندلس من العرب المسلمين. ونقف قليلا عند أهم المدن التى تكوّنت فيها هذه الإمارات.
وأول مدينة نقف عندها قرطبة وقد اجتمع الملأ فيها أو كبار رجالاتها ووقع اختيارهم على أبى الحزم جهور ليكون أمينا على حكمها، وبذلك تأسّس فيها نظام جمهورىّ ارستقراطى يرأس الحكم فيه أبو الحزم جهور، ويساعده مستشارون يأخذ بمشورتهم فى المسائل المهمة، وخلفه فى الحكم سنة 435 ابنه أبو الوليد محمد باتفاق الملأ، وفوّض