ألف هذا الكتاب ابن (?) زولاق الحسن بن إبراهيم المولود سنة 306 والمتوفى سنة 387 وقد جمع فيه نوادر رفيق له فى الدراسة هو محمد (?) بن موسى الكندى المعروف باسم سيبويه المصرى، ولم يكن عالما بالنحو فحسب بل كان عالما أيضا بالقراءات والفقه وعلوم الحديث ورواية الشعر، وكان عفيفا متنسكا اجتمعت فيه أدوات الأدباء والفقهاء والعبّاد، وبلغ فى ذلك-كما يقول ياقوت-مبلغا جالس به حكام مصر، وكان ينقدهم نقدا يحمّله كثيرا من السموم، ولم يكن يخفيه بل كان يعلنه فى الأسواق وعلى رءوس الأشهاد، وكان الناس يتبعونه يكتبون نقده، ويروونه فى المجالس العامة والمساجد والمتنزهات. ومازال هذا دأبه حتى توفى سنة 358 مع نهاية الدولة الإخشيدية. وكان ابن زولاق مؤرخا كبيرا، ويقول ابن خلكان له كتاب فى خطط مصر استقصى فيه، وله كتاب أخبار قضاة مصر جعله ذيلا على كتاب الكندى: أخبار قضاة مصر، وكان قد انتهى فيه إلى سنة 246، فكمله ابن زولاق إلى سنة 386، وله كتاب فى سيرة الإخشيد اعتمد عليه ابن سعيد فى قسم الفسطاط من كتابه «المغرب».
ويسوق ابن زولاق فى كتابه أخبار سيبويه مشاهد مختلفة لنقد سيبويه للحكام وللناس فى عصره ممزوجا بشئ من التباله، ولم يكن ينقد أو يذم بلفظ قبيح، إنما كان يزجر وينهر بألفاظ غير قبيحة ولكنها تخز وخز الإبر، من ذلك أن الإخشيد كان يركب فى موكب لصلاة الجمعة، فتصدى له يوما فى أثناء ركوبه إلى الصلاة والناس محتشدون لرؤيته فقال بأعلى صوته: «ما هذه الأشباح الواقفة، والتماثيل العاكفة؟ سلّطت عليهم قاصفة (يوم ترجف الرّاجفة تتبعها الرّادفة) قلوبهم (يومئذ واجفة)» فقال له رجل: «إنه الإخشيد يمر إلى الصلاة، فلم يفزع ولم يسكت بل قال توا: «هذا الأصلع البطين»، المسمّن البدين، قطع الله منه الوتين (?)، ولا سلك به ذات اليمين، أما كان يكفيه صاحب ولا صاحبان، ولا حاجب ولا حاجبان، ولا تابع ولا تابعان؟ لا قبل الله له صلاة ولا قبل له زكاة، وعمر بجثته الفلاة».