على قدم هائل، كان غالب علماء عصره يقتدون به، وكان له أوراد وأذكار هائلة» وهذه الأذكار والأوراد سقطت من يد الزمن. وهو وأوراده رمز لمن جاء بعده من المتصوفة فى أيام المماليك وما كان لهم من أوراد وأحزاب سقطت من يد الزمن.
ونمضى إلى أيام العثمانيين ونلتقى فى مطلعها بأبى السعود (?) الجارحى المتصوف المتوفى سنة 930 ويشيد به الشعرانى، وأهم منه الشعرانى (?) نفسه المتوفى سنة 973 وقد ألممنا به فى حديثنا عن الزهد والتصوف فى الفصل الأول، وفى كتابه «لطائف المنن والأخلاق» بيان بالمؤلفات التى قرأها وبأساتذته ومراحل حياته الصوفية والأخلاق التى التزمها فى حياته. ومع أنه صوفى سنى نراه يدافع عن أستاذه الروحى: ابن عربى، محاولا تأويل عباراته على نحو ما يصور ذلك فى كتابه «الكبريت الأحمر فى علوم الشيخ الأكبر». وتظل الطرق التى عرضنا لها فى غير هذا الموضع ناشطة بمصر. ويعلو شأن الطريقة الخلوتية المنسوبة الى الشيخ محمد الخلوتى منذ نزل القاهرة الشيخ مصطفى (?) بن كمال الدين البكرى الناشئ ببيت المقدس، وقد طوّف فى بلدان الشام والعراق وتركيا وحج مرارا وسكن بأخرة القاهرة وتوفى بها سنة 1162 ويعرّف به الجبرتى قائلا: شيخ الطريقة والحقيقة، قدوة السالكين، ومربى المريدين الإمام المسلّك، تآليفه تقارب المائتين، وأوراده أكثر من ستين وردا. وأجلها ورد السحر، ونقتطف من مناجياته لربه فيه وابتهالاته قوله (?):
«إلهى، أنت المدعوّ بكل لسان، والمقصود فى كل آن.
إلهى، أنت قلت: (ادعونى أستجب لكم) فها نحن متجهون إليك بكليتنا فلا تردّنا، واستجب لنا كما وعدتنا.
إلهى، اين المفر منك وأنت المحيط بالأكوان؟ وكيف البراح عنك وأنت الذى قيّدتنا بلطائف الإحسان.