سيف الدولة الحمدانى. وطبيعى أن يشتهر بمصر غير واعظ، ويلقانا فى مفتتح هذا العصر أبو الحسن (?) على بن محمد البغدادى المتوفى سنة 338 وقد استوطن الفسطاط، وكان له بها مجلس وعظ عظيم. ويستولى المعز لدين الله الفاطمى على مصر، ويؤسس بها الدولة الفاطمية التى ظلت نحو مائتى عام، وكان خطيبا مفوها، وكان يخطب الناس يوم الجمعة بالجامع الأزهر، ولم تحتفظ كتب التاريخ بشئ من خطبه ومواعظه فى القاهرة، وقد احتفظت بخطبة (?) خطبها عقب وفاة أبيه المنصور فى بلدة المنصورة بالقرب من القيروان، بدأها بأسجاع فى بيان عظمة الله وتحميده وتمجيده. وكان ابنه العزيز يخطب مثله فى الجامع الأزهر حتى إذا بنى الحاكم جامعه أخذ هو ومن جاءوا بعده يخطبون فيه (?). ويبدو أن الخطب والمواعظ كانت تعدّ لهم-ولمن ينيبونه عنهم من الوزراء-فى ديوان الإنشاء. ويذكر الرواه لابن أبى الشخباء كاتب الدواوين فى زمن المستنصر مجموعة من المواعظ لعلها كانت خطبا أعدّها للخليفة ووزيره بدر الجمالى، وقد اشتهرت فى أيامه ببلاغتها، إذ كان-كما مر بنا فى ترجمته-كاتبا بارعا، ونقتطف قطعة من إحدى خطبه، إذ يقول (?):

«أيها الناس فكّوا أنفسكم من حلقات الآمال المتعبة، وخففوا ظهوركم من الآصار المستحقبة (?)، ولا تسيموا (?) أطماعكم فى رياض الأمانى المتشعّبة، ولا تميلوا صغوكم (?) إلى زبارج (?) الدنيا المحبّبة. . أين الجبابرة الماضية المتغلّبة، والملوك المعظّمة المرجّبة (?) أولو الحفدة (?) والحجبة، والزخارف المعجبة، والجيوش الجرّارة اللّجبة (?). . طرقت-والله- خيامهم غير منتهبة، وأصبحت أظفار المنية من مهجهم قانية (?) مختضبة، وأكلت لحومهم هوامّ الأرض السّغبة (?)، ثم إنهم مجموعون ليوم لا يقبل فيه عذر ولا معتبة، وتجازى كل نفس

طور بواسطة نورين ميديا © 2015