«وهذه القلعة عقاب فى عقاب (?)، ونجم فى سحاب، وهامة لها الغمامة عمامة، وأنملة إذا خضبها الأصيل كان الهلال لها قلامة».

والجناس واضح بين عقاب بضم العين وعقاب بكسرها، وقد استمر فى تشبيهات وتصويرات بديعة، وقال نقاده: إن قوله: «كان الهلال لها قلامة» أخذه من قول ابن المعتز فى الهلال:

ولاح ضوء هلال كاد يفضحنا … مثل القلامة قد قدّت من الظّفر

غير أن القاضى أضاف إلى القلامة إضافة بديعة بذكره الأنملة إذا خضبها الأصيل. ولعل فى ذلك ما يشير إلى قدرته على مراعاة النظير فى صياغاته، وذلك كثير فى كتاباته على نحو ما نرى الآن حين ذكر القلامة ذكر معها الأنملة والخضاب. ومن أروع رسائله رسالته، التى كتب بها إلى الخليفة الناصر يبشره فيها بانتصار صلاح الدين على حملة الصليب فى حطّين وفتحه العظيم لبيت المقدس.

وللقاضى الفاضل كثير من الرسائل الشخصية، وسنقف عندها قليلا فى غير هذا الموضع، ومرّ بنا أن مخطوطة فصوص الفصول المحفوظة بدار الكتب المصرية تجمل مراسلات كثيرة بينه وبين ابن سناء الملك، وكان يتخذه ابنا روحيّا له وذكرنا فى غير هذا الموضع أن بها ملاحظات ومراجعات نقدية كثيرة.

محيى الدين (?) بن عبد الظاهر

هو عبد الله بن عبد الظاهر المصرى من بيت علم وفقه وأدب، ولد سنة 620 وبدأ بحفظ القرآن الكريم مثل لداته ثم اختلف إلى حلقات الفقهاء والمحدثين وأصحاب التاريخ والسير، وأحس بميل شديد إلى الأدب وجرى على لسانه الشعر، وأنس فى نفسه قدرة أدبية، فالتحق بالدواوين لعهد الأيوبيين، ولم يلبث أن أظله عهد المماليك ونرى نجمه يتألق فى عهد الظاهر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015