الدينية وبالسنة والحديث النبوى، فمنهما يستمد فى كل موارده الروحية. وقد أشار مرارا إلى أن لب تصوفه وما يذهب إليه من عقيدة الفناء فى الذات الربانية إنما يصدر فيه عن الرسول، يقول:

وجاء حديث فى اتحادى ثابت … روايته فى النّقل غير ضعيفة

يشير بحبّ الحقّ بعد تقرّب … إليه بنفل أو أداء فريضة

وهو يشير إلى الحديث النبوى المشهور: «ما تقرّب إلىّ عبدى بشئ أحبّ إلىّ من أداء ما افترضته عليه، ولا يزال عبدى يتقرّب إلىّ بالنوافل حتى أحببته، فإذا أحببته كنت سمعه الذى يسمع به، وبصره الذى يبصر به، ويده التى يبطش بها. . وإن سألنى أعطيته، ولئن استعاذنى لأعيذنّه». وفكرة الانمحاء والفناء واضحة فى الحديث، ولعل فى ذلك ما يشير بوضوح إلى أن تصوف ابن الفارض وأمثاله إنما كان تصوفا إسلاميا خالصا. ومازال يتنسك لربه حتى وفاته سنة 632 للهجرة.

البوصيرىّ (?)

هو أبو عبد الله محمد بن سعيد بن حماد، كان أبوه من بوصير وأمه من دلاص، فكّون لنفسه من اسم بلديهما لقبا هو الدلاصيرى، غير أن اللقب الذى غلب عليه، وبه اشتهر، هو البوصيرىّ.

واختلف م ترجموا له فى تاريخ مولده كما اختلفوا فى تاريخ وفاته، والأرجح أنه ولد سنة 608 وتوفى سنة 698 وقى بل ولد سنة 598 وتوفى قبل السنة السالفة فقيل سنة 694 أو 95 أو 96 أو 97 وقيل بل سنة 681 والصحيح ما رجحناه. واختلف مثل لداته إلى الكتاتيب حتى حفظ القرآن الكريم، ثم انتظم فى حلقات الشيوخ يأخذ عنهم علوم الشريعة واللغة، ويبدو أن ميوله الأدبية اتضحت فيه مبكرة وتفتحت فى نفسه ملكاته الشعرية، مما جعله ينتظم فيمن يعملون فى الكتابة الديوانية، وعيّن فى دواوين بلبيس بالشرقية. ومرّ بنا هجاؤه للموظفين هناك وتسجيله عليهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015