امل لى الكاس تماما … واسقنى جاما فجاما (?)
اسقنى بالكوب والكا … س فرادى وتواما (?)
ثم بالجرّة فالج … رّة حتى أترامى
اسقنى حينئذ بال … زّقّ حتى لا كلاما
ثم أزهى موضع فى ال … رّوض فاختره مقاما
وهو صبّ بالخمر يريد أن يحتسيها حتى الثمالة، بل يريد أن يشربها أرطالا جاما فجاما وكئوسا وأكوابا وجرّات متوالية حتى يفقد الكلام ويغيب عن حسه، وهو يشربها فى أزهى موضع بالروض قد عبقت فيه الأزهار بأريجها العطر. وكأنما يعيد الإسحاق فى أيام العثمانيين ذكرى أبى نواس وأمثاله من الماجنين العباسيين.
مرّ بنا أن مصر عرفت الزهد والنسك الدينى من قديم، ويكفى أنها هى التى أنشأت فى المسيحية نظام الرهبنة الذى شاع منها وانتشر فى العالم المسيحى. وقد أقبلت على الإسلام بمجرد اعتناقها له ونزول العرب المسلمين فيها تنهل منه، ورأيناها تسهم منذ زمن الولاة فى نشر مذهبى مالك والشافعى، كما أسهمت فى القراءات عن طريق مقرئها المشهور: ورش. وأكبت على الحديث النبوى وتفسير الذكر الحكيم وأخذت تدرسهما كما تدرس القراءات والفقه، وتكونت لها طبقات من علماء الدين ومن الوعاظ والقصاص، وكان كل من شدا منهم شعرا نظم فى الزهد والوعظ أبياتا كان يتداولها الناس على نحو ما كانوا يتداولون أشعار الإمام الشافعى المتوفى سنة 204 وظلوا يتداولون بعده أشعار منصور بن إسماعيل الفقيه الشافعى المتوفى سنة 306 من مثل قوله (?):
كن بما أوتيته مغتبطا … تستدم عمر القنوع المكتفى
إن فى نيل المنى وشك الرّدى … وقياس القصد عند السّرف
كسراج دهنه قوّته … فإذا غرّقته فيه طفى