أرمنى الأصل قدم إلى زيارة مشهد الإمام على بن أبى طالب بالنجف، وكان لا يزال شابا واعتنق مذهب الشيعة الإمامية، وتعرّف فى أثناء زيارته له على شخص يسمى ابن معصوم يبدو أنه كان من دعاة الفاطميين، فحبّب إليه زيارة القاهرة والانتظام فى خدمة القوم، ولقيت دعوة الرجل من نفسه قبولا حسنا، فسار إلى مصر، وترقى فى خدمة الفاطميين حتى ولّوه حاكما لمنية الخصيب بالصعيد (المنيا الآن) وحدث أن تآمر عباس الصنهاجى وزير الخليفة الظافر مع ابنه نصر على قتل الخليفة سنة 549 وتمت المؤامرة، فاستغاث بيت الفاطميين بطلائع ضد عباس، فأقبل يريد محاربته حتى إذا قرب من القاهرة فر عباس بما نهب من أموال القصر الفاطمى إلى الشام، وقتله الصليبيون فى الطريق. ودخل طلائع القاهرة فخلعت عليه الخلع الخاصة بالوزارة ونعت بالملك الصالح فارس المسلمين نصير الدين. وكان قد ولى الخلافة الفاطمية ابن للظافر تلقب بالفائز (549 - 555 هـ) وكان صبيا لا يعدو خمس سنوات، فدبّر الدولة طلائع وأحسن تدبيرها، حتى إذا توفى الفائز بعد نحو ست سنوات اختار للخلافة بعده طفلا لم يبلغ الحلم من الأسرة هو عبد الله بن محمد الملقب بالعاضد، وزوّجه ابنته، وأصبح صاحب الأمر كله فى الدولة. وأخطأ إذ قطع رواتب الخاصة، فلم يدر عام فى خلافة العاضد حتى دبّرت له مؤامرة لقتله، فقتل سنة 556 ويقال إن العاضد نفسه هو الذى أعمل الحيلة فى قتله لاستبداده بالأمر من دونه، وخاصة أنه كان شيعيّا لا على مذهب الفاطميين الإسماعيلى ولكن على مذهب الإمامية.
ويقول المقريزى: «كان رجل وقته فضلا وعقلا وسياسة وتدبيرا». ولم يكن يستر عقيدته الإمامية بل كان يعلنها ويجادل فيها الفقهاء الإسماعيليين، وصنف فى ذلك كتابا سماه «الاعتماد فى الرد على أهل العناد» ويقول المقريزى إنه جمع له الفقهاء وناظرهم عليه. وكان يجادل أيضا بقوة عن مذهب المعتزلة فى القدر وأن الإنسان حر الإرادة لا مجبر كما يقول القدرية، وله فى ذلك قصيدة سماها: «الجوهرية فى الرد على القدرية» ومن قوله فى الرد عليهم: