ثعبانا فى مجلس فرعون فإذا هى تلقف كل ما جاء به سحرته من سحر رهيب، وعيسى الروح الأمين الذى شرفت به مدينته الناصرة، ومحمد المصطفى الشفيع المشفع فى الآخرة، وعلى أو حيدر المرتضى وأبنائه الأئمة الأنجم الزاهرة. ويقول إن المستنصر لديه محصول كل هؤلاء الرسل وكل الأئمة فهو الرسول وهو عيسى وهو موسى وهو إبراهيم الخليل وهو نوح وهو آدم وهو على والأئمة جميعا قبله إماما إماما. وهو بذلك وارث الأئمة والرسل، وارث علومهم ومعجزاتهم وخوارقهم. ولا يكتفى المؤيد بكل ذلك، إذ يقول إن الملائكة جنده الذى ينصره فى معاركه، وليس ذلك فحسب، فإنه يتقدم خطوة بل خطوات إذ لا يسبغ عليه صفات الله وحدها، بل يجعل ذاته نفس ذات الله إذ يقول إنه وجه الإله، وكأنه اتحد معه فى ذاته تعالى الله عن هذا البهتان الآثم علوا كبيرا، وهو ليس بهتانا فحسب، بل هو ضلال مبين.

ظافر (?) الحداد

هو ظافر بن القاسم الإسكندرى، من سلالة قبيلة جذام اليمنية، كان أبوه حدادا بالإسكندرية، ولد له فى النصف الثانى من القرن الخامس الهجرى، ويبدو أنه أرسله فى صباه إلى الكتّاب، ورأى من ذكائه ما جعله يدفعه إلى حلقات العلماء، وهو مع ذلك يعاونه فى حرفته. وأكبّ الصبى على حفظ الشعر وكانت له ملكة خصبة، سوّت منه شاعرا كان يلفت أقرانه، كما لفت كثيرين من شعراء الإسكندرية، وكانت بها آنذاك نهضة شعرية واسعة، جعلت شعراءها يتكاثرون، كما جعلت العماد الأصبهانى فى الخريدة يترجم لكثيرين منهم. ولعل شيئا من العجب يداخلنا إذ نجد بين الشعراء هناك شاعرا حدادا، ولكن إذا عرفنا أن الثقافة العربية الإسلامية كانت طوال الحقب السالفة ثقافة شعبية عامة إذ كانت تلقى بالمساجد، ولكل شخص الحق فى أن يجلس إلى حلقة الشيخ الذى يريد الاستماع إليه، وكانت للشعراء فى المساجد حلقات، مما أتاح لشباب العامة المشاركة فى الشعر وفى العلوم العربية والإسلامية، وتكثر هذه الظاهرة بين شعراء الدولة المملوكية، إذ نجد بينهم جزارا وحمّاميّا ووراقّا وخيّاطا وكحالا. وقد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015