وتفسيره لهذا التنقيح فى كتاب مستقل نوّه به وبأصله القدماء.
وظل النشاط محتدما فى الرياضيات وعلوم الفلك والتنجيم طوال زمن الفاطميين، ومن المنجمين لعهد المعز وابنه العزيز محمد (?) بن عبد الله العتقى وأبى (?) عبد الله بن القلانسى، ومن أعظم الفلكيين بمصر وعند العرب قاطبة أبو الحسن على بن عبد الرحمن بن أحمد بن يونس الصدفى المصرى، وقد بدأ بعمل زيج كبير أو بعبارة أخرى بعمل لوحات فلكية مفصلة لعهد العزيز وأخذ فى تنقيح زيجه لعهد الحاكم ابنه وقد أقام له مرصدا ضخما كان قسما من دار العلم ويقال إنه أتم زيجه سنة 397 وإنه كان يشغل أربع مجلدات ضخام، ويقول ابن خلكان إنه لم ير فى الأزياج على كثرتها أطول (?) منه، وقد سماه الزيج الحاكمى الكبير ولم يلبث أن توفى سنة 399.
ونزل مصر لعهد الحاكم أكبر علماء الرياضة والطبيعة العراقيين لزمنه أبو على الحسن بن الهيثم البصرى (?)، وفرح الحاكم يقدومه وخرج للقائه على باب القاهرة. ولما وقف على خبل الحاكم سكن قبّة على باب الجامع الأزهر، ويقال إنه كان يكتب المجسطى فى الفلك والهيئة لبطليموس ومصنفات إقليدس فى الهندسة ويبيعها جميعا بمائة وخمسين دينارا. ويبدو أن نبوغه الفلسفى والرياضى والفيزيقى إنما تحقق فى مصر التى اتخذها سكنا له ومقاما لأكثر من ثلاثين عاما، وبها ألف كتابه «المناظير» فى العدسات وانعكاسات الضوء، وقد ترجم قديما إلى اللاتينية، وله تأثير علمى عالمى بعيد. وعليه تتلمذ كثير من المصريين وأخذوا منه كل ما عنده فى الطبيعيات والرياضيات والفلك والطب والفلسفة. والمظنون أن دار العلم كانت تعنى فيما تعنى بدروس الرياضيات والطبيعيات والفلك والفلسفة، إذ كان الخلفاء الفاطميون يعنون بالعلماء فى كل هذه الجوانب. وظلت هذه العناية متصلة فى عهد الظاهر بن الحاكم وعهد ابنه المستنصر. ومما يدل على النشاط فى الدراسات الفلكية والهندسية والفلسفية ما يرويه ابن السّنبدى من أنه رأى (?) فى خزانة القصر الفاطمى سنة 435 لعهد المستنصر من كتب النجوم والهندسة والفلسفة خاصة ستة