4 - المجتمع (?)

مصر-كما وصفها الذكر الحكيم-جنات وعيون وزروع ومقام كريم. وفى جنات هذه الزروع وجنباتها عاش سكانها من القبط ومن نزل بها من العرب، ومع الزمن يزداد اختلاط العرب بسكانها وخاصة منذ أسقطهم الخليفة العباسى المعتصم من دواوين الجيش فى نهاية الربع الأول من القرن الثالث الهجرى، فقد مضوا يخالطون سكانها لا فى مدنهم فحسب، بل أيضا فى قراهم وزروعهم مؤلفين جميعا شعبها المصرى. وكانت تتوزعه-كغيره من الشعوب العربية- ثلاث طبقات عليا ووسطى ودنيا. وتشمل الطبقة الأولى الوالى وصاحب الخراج والقاضى وكبار أصحاب المناصب وقواد الجند ومعهم الأشراف من بيتى العباسيين والعلويين وكبار التجار والإقطاعيين من المماليك. والطبقة الوسطى تشمل العلماء والجند وأوساط الزراع أصحاب الملكيات الصغيرة والقائمين على الصناعات. أما الطبقة الدنيا فتشمل الفلاحين والصناع وصغار التجار. وبجوار هذه الطبقات كان هناك رقيق يجلب من أواسط إفريقيا ومن بيزنطة وأرمينية وثغور البحر المتوسط، وكان كثير منه يحرّر ويصل إلى أرفع المناصب على نحو ما هو معروف عن فاتك الرومى وكافور الحبشىّ القائدين فى زمن الإخشيد. وكان هناك أهل الذمة من الأقباط.

ويمد النيل مصر من قديم برخاء لا مقطوع ولا ممنوع، ومعروف أن أرضها قبيل الفتح العربى كانت موزعة بين الدولة والكنيسة وكبار الإقطاعيين، وقد ترك العرب الفاتحون للكنيسة وللإقطاعيين ما لهم من الأراضى على أن يؤدوا عنها الخراج أو كما نقول الآن الضرائب، وبالمثل كان يؤدّيها أصحاب الملكيات الصغيرة من الأرض وكل فالح لها أو زارع. وترك للقبط الإشراف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015