أولاده، فأعطى ابنه الكامل محمدا الديار المصرية، وأعطى ابنه موسى البلاد الشرقية وراء الشام وشركه فيها إلى وفاته أخوه الأوحد. وأعطى ابنه المعظم عيسى دمشق. وسيّر السلطان الكامل من مصر ابنه المسعود إلى اليمن سنة 612 فملكها. وبذلك دخلت فى حوزة العادل الحجاز واليمن وكل البلاد التى أظلها لواء صلاح الدين، وكان محنّكا محسنا لتدبير الحكم وسياسة الملك، وكان فارسا مجاهدا أبلى بلاء حسنا مع أخيه صلاح الدين فى الحروب الصليبية، وكان تقيا وقد طهّر ولاياته من الخمور وكل ما يجر إلى الفسق والإثم. وسار سيرة أخيه فى رفع المكوس والمظالم، وله صنف فخر الدين الرازى كتابه «تأسيس التقديس» وسيّره إليه من خراسان. وتضاءلت فى أيامه الحروب الصليبية، وفى سنة 609 يغزو الصليبيون دمياط ويرّدون على أعقابهم. ويعيدون الكرّة فى سنة 615 ويتفق أن يتوفى العادل ويخلفه الكامل فى مصر نهائيا ويشغل من بعض الوجوه بتدبير الحكم، ويظل الصليبيون بدمياط نحو ثلاث سنوات يعيثون فسادا، وتسوّل لهم شياطينهم أن يتقدموا فى البلاد مع فرع دمياط نحو المنصورة، وكان النيل فى قمة فيضانه، فسلّط المصريّون مياهه عليهم، وأيقنوا الهلاك فراسلوا السلطان الكامل طالبين منه الأمان حتى يرحلوا عن دمياط مدحورين، وتسلم منهم دمياط فى رجب سنة 618 وكان يوما مشهودا، تغنّى به الشعراء طويلا.
ودانت للكامل دمشق سنة 626 وكذلك البلاد الشامية والشرقية وكان ابنه المسعود قد استولى على الحجاز واليمن. ويروى بعض من حضروا الحج بمكة سنة 620 أن الخطيب هناك دعا للملك الكامل، فقال: «صاحب مكة وعبيدها واليمن وزبيدها ومصر وصعيدها والجزيرة ووليدها».
ومازال نجمه متألقا حتى توفى سنة 635.
وكان الكامل قد جعل ابنه الأكبر نجم الدين أيوب على الشرق وإقليم ديار بكر، وجعل ابنه الأصغر العادل على مصر والديار الشامية، وكان فى الثامنة عشرة من عمره، فلم ير الأمراء بدّا من توليته حسب رغبة أبيه، وعظم ذلك على نجم الدين أيوب، فزحف بجيشه إلى دمشق واستولى عليها، ثم سار متجها إلى الديار المصرية، وحفلت رحلته بأحداث كثيرة، حتى إذا وصل إلى مصر قبض على أخيه العادل وأعلن نفسه سلطانا على مصر سنة 637. وكان قد أكثر من شراء المماليك. وبنى لهم قلعة الروضة فى سنة 638 وأنشأ فيها دورا وقصورا كثيرة وعمل لها ستين برجا وبنى بها مسجدا واتخذها دار ملكه وسكنها بأهله وأسكن معه فيها مماليكه البحرية. وكان أبناء عمومته وإخوته قد خرجوا عليه فى الشام واستولى عمه الصالح إسماعيل على دمشق واستعان بالصليبيين وسلم إليهم القدس وطبريّة وعسقلان. فزحف السلطان نجم الدين أيوب بجيش كثيف