وشقيق كأنه أقداح العقيق (?)، قد رسب بقرارتها مسك فتيق
وآذريون (?) كأنه مداهن عسجد، على سواعد زبرجد
وسوسن كبياض السوالف، أو جياد (?) الوصائف
وقرنفل كأنما توقّد بالجمر، وانعقد من الخمر»
ويظل طويلا فى وصف الأزهار، ويخرج منها إلى وصف الأطيار، بمثل هذه الأسجاع المليئة بالتشبيهات والاستعارات.
وروى المحبى لعبد الغنى النابلسى الصوفى الذى مرت ترجمته مقامة وصف فيها نزهة مع صديق عثرا فيها على قصر عالى البنيان فدخلاه، يقول (?):
«فصعدنا إلى قصر مشيد (?)، مزخرف الجوانب بألوان الأطلية وأنواع الشّيد (?)، فيه الغرف الرفيعة ذات التزيين، والمقاصير المصنوعة لقاصرات (?) الطّرف عين. قد طلّت شبابيكه على تلك الأرجاء الموفقة، والجداول المتدفقة، وأرضه مفروشة بأفخر الوشى والديباج، وقد أطلقت فيه مباخر الطيب فزاد فى الابتهاج. . فحلست أنا وصاحبى على تلك الأرائك الممنوعة (?)، والفرش المرفوعة، نتناشد الأشعار، ونتشبّث بأذيال الأفكار».
ويلقاه هو وصاحبه رفيق، فيسأله أين كنت؟ ومن أين توجهت؟ وما يلبث أن يقول له:
«ما ذلك القصر الموصوف سوى جبّتى هذه وثوبى هذا الصوف، والشبابيك جيوبه وأطواقه، ولا عجب أن نفحت فيه مباخر الطيب فإنها قراطيسه وأوراقه». وكأن كل ما فى المقامة رموز صوفية جلاها عبد الغنى النابلسى فى تصاوير الرياض والقصر وتهاويله. وحرى بنا أن نقف قليلا عند ابن الوردىّ أهم كتّاب المقامة الشاميين.