وعيّن ابن البارزى فى ديوان الإنشاء أديبا مواطنا له هو ابن حجّة الحموى المتوفى سنة 837 وسنفرد له كلمة قصيرة، وخلف ابن البارزى فى كتابة السر ابنه كمال الدين، وكان تارة يعزل وتارة يعود إلى كتابة السر حتى وفاته سنة 856.

ووراء هؤلاء الكتاب الديوانيين الذين بلغ من نبوغهم فى الكتابة الديوانية أن نقلتهم الدولة إلى القاهرة فى ديوانها الكبير كتّاب كثيرون كانوا يكتبون لحكام البلدان الشامية، وأهمهم كتّاب ديوان دمشق إذ كان بها نائب السلطان، وكان ديوانها لذلك أهم الدواوين الشامية، ونذكر من كتّابها علاء الدين على بن محمد بن سلمان المعروف بابن غانم المتوفى سنة 737 ومن نثره فى وصف قلعة (?):

«لا ترى العيون لبعد مرماها إلا شزرا، ولا ينظر سكانها العدد الكثير إلا نزرا، ولا يظن ناظرها إلا أنها طالعة بين النجوم بمالها من الأبراج، ولها من الفرات خندق يحفّها كالبحر إلا أن هذا عذب فرات وهذا ملح أجاج».

ونذكر من أهم كتّاب السر فى دمشق أو بعبارة أخرى رؤساء ديوان الإنشاء بها حفيد تاج الدين بن الأثير المذكور آنفا، وهو كمال الدين محمد بن إسماعيل ثم ابنه عبد الله، تولّى كتابة السر بدمشق فترة وعزل سنة 764 وتولاها فتح (?) الدين بن الشهيد حتى توفى سنة 793 وكان بارعا فى الشعر وكتابة الرسائل، ونظم السيرة لابن هشام فى رجز بلغت عدته خمسين ألف بيت. ومنهم صدر الدين على بن محمد المعروف بابن الأدمى المتوفى سنة 816 ولى نظر جيش دمشق، ثم كتابة سرها ثم قاضى قضاتها، ونقله معه المؤيد شيخ حين أصبح سلطانا لمصر سنة 815 وجمع له بين القضاء والحسبة وفيه يقول صاحب النجوم الزاهرة: «كان إماما بارعا أديبا فصيحا ذكيا (?)».

وما زالت الكتابة الديوانية مزدهرة بدمشق إلى أن استولى عليها العثمانيون سنة 922 وأصبحت اللغة التركية اللغة الرسمية للدواوين فيها وفى غيرها من بلدان الشام. ونقف قليلا عند ثلاثة من كتابها النابهين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015