وتكثر الموشحات الصوفية عند عبد الغنى النابلسى كثرة مفرطة. ونقف قليلا عند وشّاحين مهمين هما أيدمر المحيوى والمحّار الحلبى.
أيدمر المحيوىّ (?)
لا نعرف شيئا عن نشأة هذا الشاعر ومرباه، وكل ما بأيدينا عنه أنه عتيق محيى الدين محمد بن محمد بن سعيد بن ندى وزير الجزيرة لسلاطينها من الأيوبيين، وقد طبعت له دار الكتب المصرية مختارات من ديوانه، وهو فيها يمدح الملك الكامل سلطان مصر مشيدا بانتصاره على حملة الصليب فى موقعة دمياط سنة 618. وكان يسكن دمشق ويزور مصر كثيرا وله مدائح فى الصالح نجم الدين أيوب حين كان يلى شئونها منذ سنة 636 إلى سنة 647 ويبدو أنه لم يعش بعد هذا التاريخ طويلا، وله غزليات وأشعار طريفة فى الطبيعة، وله-بجانب ذلك-موشحان فى المديح يستهلهما بغزل بديع، وقد عارض فى موشحه الأول ابن زهر فى موشح له مشهور، ومن قوله فيه على نسقه.
هزّ عطف الغصن من قامته … مطلعا للشمس من طلعته
ثم نادى البدر فى ليلته … أيها البدر تغيّب ويحكا
ما احتياج الناس للبدر معى
وعذوبة موسيقاه واضحة فى هذا الموشح، وكان يضيف إليه فى أحيان كثيرة محسنات البديع من طباق وجناس وتورية، ولا تفارقه هذه العذوبة حتى حين يجنح إلى التكلف على نحو ما نلقاه فى موشحه الثانى وفيه يقول:
بات وسمّاره النجوم ساهر … فمن ترى علّمك السّهد ياجفون
صبا إلى مذهب التصابى صابى … لا يعدل
فجنبه خافق الجناب نابى … مبلبل
والطّرف من دائم انسكاب كابى … مخبّل