عليه وانضموا إلى المعز، فعاد إلى الرملة بالشام ومنها إلى البحرين. وكان ذلك أول اضطراب شديد حدث فى الشام لعهد الفاطميين وانتشرت فى أثنائه وبعده الفوضى فى دمشق واشتعلت النار فى كثير من أحيائها.
وظل الفاطميون مسيطرين على الشام نحو قرن، قلما وجدت فيه أمنا وسلاما بسبب كثرة الولاة الذين كانوا يولونهم عليها، فكان هم الوالى أن يثرى بسرعة على حساب أهلها وما يفرض عليهم من الضرائب، وقد وليها لهم نحو خمسين واليا، وكثيرا ما كان يتولاها اثنان أو أكثر فى العام الواحد. وبسبب ظلم الولاة وكثرة الضرائب كانت تنشأ أحيانا ثورات محدودة لبعض العيّارين بها كثورة قسّام الحارثى سنة 377 لعهد العزيز الفاطمى. وخلف العزيز ابنه الحاكم بهوسه وشذوذه النفسى ودعواه الألوهية مما صورناه فى قسم مصر، وكان من أهم من أغراه بدعوى الألوهية رجل يعرف بالدرزى أمره الحاكم أن يخرج إلى الشام وينشر تلك الدعوة فى الجبال، فنزل هناك وتبعه كثيرون من جبل حوران فى سوريا المعروف باسم جبل الدروز، وانتشرت الدعوة بين سكان الإقليم الجبلى بلبنان، ولا تزال فى المنطقتين إلى اليوم، وسقطت منها أسراب إلى جبال فلسطين وإلى الجبال فى أعالى الشام على نهر العاصى وقرب أنطاكية. ومن المؤكد أن العقيدة الفاطمية الإسماعيلية هى التى دفعت الحاكم ودعاته إلى ربوبيته إذ كانت تردّد-كما مر بنا فى قسم مصر- أن الخلفاء تجسد للذات العلية. وكان طبيعيا فى عهد هذا الخليفة الشاذ المخبول أن تضطرب شئون الحكم فى الشام. وكان أبوه وجده يستعينون ببدو الجزيرة العربية الشماليين من طيئ ورؤسائهم بنى الجراح، ونرى حينئذ حسان بن المفرّج بن دغفل لا يكتفى بإقطاع الفاطميين لأبيه مدينة الرملة، بل يستولى على أكثر الشام، ويحاول أن يخلع الحاكم، ويولى مكانه أبا الفتوح أمير مكة الحسنى، ويقدم عليه أبو الفتوح، غير أن الحاكم يغرى ابن المفرج بالأموال فينفض يده من أبى الفتوح ويعود إلى إمارته.
كانت حلب قد دخلت فى حكم الفاطميين منذ سنة 406 ولا نمضى طويلا فى سنة 415 حتى يستقل بها صالح بن مرداس الكلابى ويضع فى سنة 420 يده فى يد حسان بن المفرّج الطائى ويجمعان الجموع ويستوليان على الأعمال فى الشام وينتهيان إلى غزة، ويلتقى بهما جيش فاطمى،