الفصل الأوّل
السياسة والمجتمع
تقع الشام فى قلب الشرق الأوسط وسط العالم القديم على أبواب آسيا الغربية وشواطئ البحر المتوسط، وهى سهل ساحلى يمتد من خليج إسكندرونة فى تركيا شمالا إلى طور سيناء جنوبا، ومن البحر المتوسط غربا إلى بادية الشام شرقا، والشام بذلك تشمل سوريا الحالية ولبنان وفلسطين وشرقى الأردن. وتجرى فيها أنهار صغيرة أهمها العاصى المتجه إلى الشمال فى سوريا، والليطانى المتجه إلى الجنوب، وبردى المتجه إلى الشرق مكونا بساتين دمشق المسماة بالغوطة، ونهر الأردن الذى يصب فى البحر الميت، وفى أطراف الأردن الشمالية بحيرة طبريّة. وبجنوبى دمشق هضبة حوران. وفى شمالى الهضبة الشرقى منطقة اللجأ وفى جنوبيها الشرقى جبل الدروز. وتنساب الشام شرقى حوران والأردن فى بادية الشام المتممة لصحراء العرب. ومن قديم يزرع بها القمح والزيتون والتين والفواكه، وبها فى الشمال أشجار النّقل المختلفة وهيأ ذلك أهلها لكى يعرفوا الاستقرار من أعتق الأزمنة، كما هيأ البلاد لاندفاع بدو الجزيرة العربية إليها، إذ تفيض عسلا ولبنا. وقد اندفعوا إليها فى شكل هجرات كبيرة، لعل أقدمها هجرة الأموريين إلى شماليها حوالى منتصف الألف الثالثة قبل الميلاد، وتلتها-وربما صحبتها-هجرة الكنعانيين أو الفينيقيين إلى السهل الساحلى. وقد استولى تحوتمس فرعون مصر حوالى سنة 1440 ق. م على جزء كبير من الشام، وظل الأموريون والفينيقيون خاضعين لمصر نحو قرن إلى أن شغلت عن ممتلكاتها فى الشام لعهد