وهذا الاتجاه فى التفسير كان يرافقه اتجاه شيعى فى بيئات الشيعة المختلفة بإيران، وكانوا ينسبون من قديم إلى أئمتهم من مثل جعفر الصادق والحسن بن على العسكرى المتوفى سنة 260 تفاسير بأسمائهم، ومن مفسريهم فى أواخر القرن الثالث محمد بن مسعود السّلمى رأس الإمامية بخراسان، ومن أشهر تفاسيرهم فى هذا العصر تفسير الطوسى أبى جعفر محمد بن الحسن المتوفى سنة 460 وكان قد نشأ فى طوس، ثم رحل إلى العراق فى الثالثة والعشرين من عمره، وظل ببغداد إلى أن أصبح شيخ الطائفة ومرجع فتياها ومن أجل ذلك وضعناه فى القسم الخاص بالعراق. ونلتقى بتفسير الطبرسى (?) أبى على الفضل بن الحسن المتوفى بطوس سنة 552 ولقبه الطبرسى نسبة إلى طبرستان، وقد سمى تفسيره مجمع البيان. وهو فى ثلاثين مجلدا.

أما الاتجاه الصوفى فمن التفاسير فيه تفسير أبى عبد الرحمن السلمى المتوفى سنة 412 وسماه «حقائق التفسير» وأهم منه تفسير القشيرى الذى مر ذكره فى حديثنا عن التصوف، وهو فى تفسيره كعقيدته صوفى سنى، بعيد عن متاهات الاتحاد بالذات العلية ووحدة الوجود مما يلجّ فيه بعض متفلسفة الصوفية، وتغلب عليه روح الوعظ، ومثله فى هذا الاتجاه الغزالى فى بعض ما يعرض له من آى الذكر الحكيم، ولأخيه أبى الفتح أحمد بن محمد الغزّالى الواعظ المذكور بين المفسرين فى العراق، تفسير ينحو فيه نحو الوعظ والتصوف، لا يزال مخطوطا.

ومن التفاسير العامة تفسير أبى الليث نصر بن محمد السمرقندى المتوفى سنة 373 وسماه «بحر العلوم» وتفسير الثعلبى (?) النيسابورى المتوفى سنة 427 وتغلب عليه النزعة القصصية والنقل عن الإسرائيليات ولتلميذه الواحدى المذكور آنفا شراح ديوان المتنبى ثلاثة تفاسير:

البسيط والوسيط والوجيز وله كتاب «أسباب النزول» واختصر الفرّاء البغوى الحسين بن مسعود المتوفى سنة 510 تفسير الثعلبى وسمّى مختصره «معالم التنزيل». ولنظام (?) الدين بن الحسن النيسابورى المتوفى فى أواسط القرن التاسع الهجرى تفسير سماه «غرائب القرآن ورغائب الفرقان» ويعد مختصرا لتفسير الفخر الرازى ويهتم فيه بذكر القراءات.

وظل علم الحديث ناهضا فى إيران لهذا العصر، ومرّ بنا فى كتاب العصر العباسى الثانى ما يصور مدى نهضته فى هذا الإقليم، فقد كان من إنتاجه صحيح البخارى وصحيح مسلم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015