555 وقد مضى يعبّ فى موطنه من جداول الفلسفة والمنطق، وأكبّ على العلوم الإسلامية وعلوم العربية يهل منها، وذاعت شهرته، فقصده الطلاب، وظل يعلّم ويلقى محاضراته إلى أن توفى سنة 627. ويشتهر السكاكى بتأليفه فى البلاغة كتابه «المفتاح» وقد جعله فى ثلاثة أقسام (?): قسم لعلم الصرف، وقسم ثان لعلم النحو، أما القسم الثالث فقصره على علمى المعانى والبيان، وألحق بهما ذيلا تناول فيه مبحثا عن الفصاحة والبلاغة ومبحثا ثانيا لألوان البديع اللفظية والمعنوية. وقدّم لعلوم البلاغة بمبحث واسع فى علم المنطق، وتلاه بمبحث فى علمى العروض والقوافى، وبذلك تضمّن المفتاح علوم الصرف والنحو والمنطق والمعانى والبيان والبديع والعروض والقوافى، وشهرة الكتاب إنما ترجع إلى ما كتب فيه عن علوم البلاغة ملخّصا، إذ الكتاب أشبه بمنن فى كل ما خاض فيه من مباحث، وهو متن استضاء فيه بالفخر الرازى قبله، مع تفوقه عليه فى الدقة وضبط الأقسام، غير أنه يخلو خلوّا تاما من تحليلات عبد القاهر والزمخشرى، ويصبح الكتاب متنا لعلوم البلاغة يحصى قوانيها وقواعدها، مع خلوه من كل ما يؤنس النفس، إذ وضعت تلك القواعد والقوانين فى قوالب منطقية شديدة الجفاف، وهى قوالب يداخلها غير قليل من الالتواء بسبب كثرة التقسيمات، مما جعل الكتاب أو قل المتن فى حاجة إلى الشرح والتوضيح، وتوالت الشروح، فشرحه قطب الدين محمود بن مسعود الشيرازى وقد تقدّم ذكره بين علماء الرياضيات والنجوم، وشرحه كثيرون من مواطنيه، من أشهرهم سعد (?) الدين مسعود بن عمر التفتازانى المولود فى تفتازان شرقى إيران سنة 722 وأبعده تيمور لنك إلى سمرقند، وبها توفى سنة 791 وله كتب كثيرة فى المنطق والنحو. وممن شرح «المفتاح» السيد الشريف (?) الجرجانى المتوفى سنة 816 صاحب كتاب التعريفات الذى مر بنا ذكره، وله أيضا تأليفات كثيرة فى المنطق وقواعد البحث. وصنع الخطيب القزوينى خطيب جامع دمشق فى سنة 739 تلخيصا لهذا المتن موجزا أشد الإيجاز. فتصدّى له سعد الدين مسعود التفتازانى بالشرح، وشرح شرحه تلميذه السيد الشريف الجرجانى بعمل حاشية عليه. ويتوقف عمل علماء البلاغة فى إيران عند صنع الشروح والمتون الموجزة التى يعودون إليها بالشرح وشرح الشرح أو وضع الحواشى عليه.