منصور (?) بن دبيس الذى خلف أباه على رياسة القبيلة سنة 474 وكان إسماعيليّا رافضيّا مثل آبائه، وله-كما ذكرنا آنفا-مكاتبات شعرية مع مسلم بن قريش صاحب الموصل وبواديه، وظل على رياسة قبيلته الأسدية حتى توفى سنة 479 وبعث هو وأبوه دبيس نشاطا أدبيا فى بيئتهما، فقصدهما الشعراء بالمديح. وكان منصور يجيد الشعر وله فى رثاء صاحب له يكنى أبا مالك:

فإن كان أودى خدننا ونديمنا … أبو مالك فالنائبات تنوب

وكلّ ابن أنثى لا محالة ميّت … وفى كلّ حىّ للمنون نصيب

ولو ردّ حزن أو بكاء لهالك … بكيناه ما هبّت صبا وجنوب

وله فخر جيد. وخلفه ابنه سيف الدولة صدقة (?)، وهو الذى بنى مدينة الحلّة لقبيلته، كى تنتقل من حياة البداوة إلى حياة الحضارة، وفيه يقول العماد: «كان جليل القدر، جميل الذكر. . له دار الضيافة التى ينفق عليها الأموال الألوف. . المعروف بإسداء المعروف، وإغاثة الملهوف» وقد قصده الشعراء من كل فج، وله قدم ابن الهبّاريّة-كما مرّ بنا-كتابه الصادح والباغم» الذى نظمه فى عشر سنوات على غرار كليلة ودمنة. ونازل محمد بن ملكشاه السلجوقى سنة 501 وقتل فى المعركة، ولما سمع نظام الملك وزير السلجوقيين فى الرّىّ خبر موته قال: مات أجلّ صاحب عمامة. وكان فارسا شجاعا عادلا فى رعيته، كما كان محسنا للآداب حافظا أشعار الجاهليين والإسلاميين والعباسيين. ويقول العماد: كان يقبل على الشعراء، ويمدهم بحسن الإصغاء وجزيل العطاء» وكان يرتب لهم سنويا مكافآت، كل حسب طبقته. واستطاع ابنه دبيس (?) أبو الأغر سيف الدولة أن يلم شتات إمارته، غير أنه خرج على المسترشد مرارا وتفرّق عنه جنده تكرارا إلى أن قتله السلطان المسعودى السلجوقى صبرا سنة 529 وهو الذى يشير إليه الحريرى-كما مرّ بنا-فى مقامته «العمانية» واصفا كيف أقبل الناس يثنون على أبى زيد، حين سمعوا فصاحته، يقول: «حتى كأنه الأسدى دبيس» فى إقبال الناس وتزاحمهم على رؤيته لشجاعته، وكان شاعرا، وأنشد له العماد محاورات شعرية مع أخيه بدران وكان ينشد:

حبّ علىّ بن أبى طالب … للناس مقياس ومعيار

يخرج ما فى أصلهم مثلما … تخرج غشّ الذهب النار

طور بواسطة نورين ميديا © 2015