اشتهر بلقبه الدال على نتوء حدقتيه وجحوظهما، واسمه أبو عثمان عمرو بن بحر. وقيل إنه من كنانة، وقيل بل هو كنانى ولاء وإن جدّه فزارة كان عبدا أسود جمّالا لعمرو بن قلع الكنانى. واختلف فى السنة التى ولد فيها، على حين اتفق الرواة على أنه توفى سنة 255 للهجرة، والمظنون أنه ولد فى العقد السادس من القرن الثانى للهجرة، وكأنه عاش ما يقرب من مائة سنة، ويروى عنه أنه قال فى أواخر حياته يشكو من الفالج (الشلل) والنقرس (الروماتزم):
«أنا فى هذه العلل المتناقضة التى يتخوّف من بعضها التلف، وأعظمها ست وتسعون سنة» (?). وليس بين أيدينا شئ واضح عن نشأته إلا أنه نشأ بالبصرة مسقط رأسه، وفى مطالع الجزء الثانى من كتابه «الحيوان» ما يشير إلى أنه كان يختلف إلى بعض الكتاتيب مع لداته من الصّبية، وكانوا يتعلمون فيها القراءة وشيئا من النحو والفقه والحساب، ويحفظون بعض القرآن وبعض الأشعار، حتى إذا شبّ عن الطوق مضى إلى المساجد يستمع إلى محاضرات العلماء فيها، وكانوا يحاضرون فى كل فن، وكانت أشبه بجامعات مفتوحة الأبواب لكل من أراد الدرس. وقد أخذ يلتهم كل ما يسمعه فيها من فقه وعلوم شريعة ومن نحو وعلوم لغة ومن مناقشات ومحاورات بين المتكلمين من كل الفرق. وكان يختلف إلى المربد يأخذ عن فصحاء العرب اللغة وبعض ما ينشدونه من الأشعار، وكان المربد سوقا تجارية وأدبية كبيرة منذ