هو يضع لبعض الأخلاق الذميمة صورا مجسمة كصورة المتكبر (?) والأكول (?) والثقيل (?)، وبالمثل الأخلاق المحمودة كالصبر والتجلد، وقد مثلنا فى الفصل الماضى لهما بقطعة من شعره.

وكان ابن الرومى لا يعود إلى أشعاره بتنقيح ولا تهذيب، وكان إذا نظم أكثر وامتد نفسه امتدادا بعيدا. فكان طبيعيّا أن يكون فى أشعاره ما يهبط درجات عما حوله، ففيها المصقول وغير المصقول، وفيها ما يرتفع إلى الأفق الأعلى وما يدنو إلى الآفاق الدنيا، بحكم أنه لا يعاود عمله، ويؤكد ذلك ما يروى عن تلميذه أبى عثمان الناجم من أنه رآه ذات مرة قد غضب، فصنع قصيدة طويلة لساعته كلها هجاء، فسأله أين مسوّدتها؟ . فأجابه: هى هذه، فقال له الناجم: ما فيها حرف مصلح، فقال:

قد استوت بديهتى وفكرتى فما أعمل شيئا فأكاد أصلحه. وليس معنى ذلك أنه يوجد فى أشعاره غثّ كثير، فقد تلافى ذلك عنده ما امتاز به من أفكار وأخيلة نادرة، وما كان يحرص عليه من بث الفنون الجديدة فى أشعاره وخاصة الجناس، وكانت له أذن موسيقية رائعة. وكل ذلك حمى الصياغة عنده من الهبوط عن المستوى الرفيع إلا ما كان يريد أن يقترب فيه من الذوق الشعبى، لشعبية كانت متأصلة فى ذات نفسه.

والحق أنه كان شاعرا بارعا، بل لا شك فى أنه أبرع شعراء العصر لما يحفل به ديوانه من الموضوعات والمعانى والأخيلة المبتكرة مما يملأ النفس إعجابا متصلا به وبأشعاره.

4 - ابن المعتز (?)

ولد عبد الله لأبيه المعتز بسامرّاء قبل مقتل جده المتوكل فى سنة 247 للهجرة بأربعين يوما، فلم يكد يستقبل الحياة حتى صرع جده هذا المصرع الخطير،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015