هو السبب الأهم فى أن الوزراء كانوا يقبلون عليه ثم يزورّون عنه اضطرارا لما ذاع من تشيعه. ونرى ابن الرومى يتعرض فى أشعاره له لبسالته فى حروب الزنج، ولتأخيره النيروز مفتتح الخراج إلى الحادى عشر من حزيران وسماه النيروز المعتضدى قاصدا بذلك إلى الرفق بالرعية-كما مرّ بنا فى غير هذا الموضع-وكان عملا جليلا. ويذكر بسالته فى صيد الأسد، ويهنئه بالأعياد وبزواجه من قطر الندى الأميرة المصرية بنت خمارويه لسنة 281 وله يقول فى هذه المناسبة (?):

يا سيد العرب الذى زفّت له … باليمن والبركات سيدة العجم

اسعد بها كسعودها بك إنها … ظفرت بما فوق المطالب والهمم

ظفرت بملئى ناظريها بهجة … وضميرها نبلا وكفّيها كرم

شمس الضحى زفّت إلى بدر الدّجى … فتكشّفت بهما عن الدنيا الظّلم

وكانت الوزارة قد تحولت منذ سنة 278 إلى آل وهب، ويبدو أن صلة الشاعر بهم ترجع إلى أمد أبعد من ذلك، وبمجرد وصولهم إلى الوزارة نراه يقدم مدائحه لعبيد الله بن سليمان بن وهب، وكان كاتبا مجيدا، ومدبرا لشئون الدولة حصيفا، وكان له أخ يسمى وهبا مدحه ابن الرومى فى غير قصيدة كما مدح ابنيه الحسن والقاسم، وهو يهلل طويلا لمجئ دولتهم، وتارة يمدحهم مجتمعين باسم آل وهب، وتارة يفرد لكل منهم القصائد الطويلة، ومن قوله فى مديح عبيد الله (?):

إذا أبو قاسم جادت يداه لنا … لم يحمد الأجودان: البحر والمطر

وإن مضى رأيه أو حدّ عزمته … تأخر الماضيان: السيف والقدر

وإن أضاءت لنا أضواء غرّته … تضاءل النيرّان: الشمس والقمر

ينال بالظن ما يعيى العيان به … والشاهدان عليه: العين والأثر

وكان القاسم الابن الأصغر لعبيد الله إلا أنه كان مقدما عنده لذكائه، ولذلك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015