وشرابا (?) وثيابا (?) وغلمانا (?). وبذلك نستطيع أن نوفق بين شحّه وما يقال من أنه كان يمشى فى موكب من غلمانه (?)، فقد كانوا جميعا هبات من ممدوحيه، وخصّ نسيما من بينهم بغزل كثير، وكان قد أهداه إليه محمد (?) بن عيسى القمى كاتب أبى سعيد الثغرى، وفى الأغانى «أن البحترى جعله بابا من أبواب الحيل على الناس فكان يبيعه ويتعمد أن يصيّره إلى ملك بعض أهل المروءات ومن ينفق عنده الأدب، فإذا حصل فى ملكه شبّب به وتشوّقه ومدح مولاه حتى يهبه له، ولم يزل ذلك دأبه حتى مات نسيم فكفى الناس أمره» (?). وقد يكون أبو الفرج مبالغا فى ذلك، فإنه لم يثبت أن أحدا اشتراه سوى إبراهيم بن الحسن بن سهل، وقد مدحه بأشعار كثيرة يصور فيها ندمه، فرده عليه (?)، ولعل فى ذلك كله ما يصور مدى ثراء البحترى من جانب وشدة طمعه من جانب آخر، وقد ظلّ يلحف فى سؤال العطاء والضياع فكان طبيعيّا أن يلفت إليه أنظار معاصريه، وحتى الخراج أو عشر الثمار كان ما ينى يحتال فى التخلص منه بالتضرع إلى وزير أن يدفعه عنه أو إلى كاتب كبير مثل إبراهيم بن المدبر. ويفكر فى الإفادة من أحمد بن طولون -كما مرّ بنا فى غير هذا الموضع-فيمدحه لسنة 269 ويمدح بعض كتابه وقواده مثل عفاص ويونس بن بغا وجعفر بن عبد الغفار ومحمد بن العباس الكلابى.
ويتوفّى ويخلقه ابنه أبو الجيش خمارويه لسنة 270 وترى البحترى فى بعض قصيده (?) يجمع بين مديحه ومديح أبى الصقر إسماعيل بن بلبل وزير المعتمد.
وفى سنة 272 يغضب الموفق على صاعد كاتبه ويقبض عليه وعلى ابنيه أبى عيسى العلاء وأبى صالح وعلى أخيه عبدون ويصادر جميع أموالهم وأسبابهم (?)، ويتوفّى أبو عيسى العلاء فى الحبس بعد ثلاثة عشر يوما ويكتئب البحترى، ويرثيه بقصيدة يقول فيها (?):