بهم المتوكل وسرعان ما يعفو عنهم، ويسجل البحترى الحادث منوّها بعفوه قائلا (?):

تداركت بالإحسان حمص وأهلها … وقد قارفوا فعل الإساءة والخرق (?)

وترسل تذورة إمبراطورة القسطنطينية إلى المتوكل لسنة 241 وفدا يطلب الفداء بين أسرى الروم والعرب، ويستقبل الخليفة الوفد فى حفل كبير يصفه البحترى، ويطيل فى وصف السماط الذى مدّ فيه وما علا وجوههم وسيماهم من ذهول وحيرة (?).

وكان المتوكل قد فكّر لسنة 243 فى أن يجعل دمشق حاضرة الخلافة حتى يبتعد عن سامراء ومن بها من قواد الأتراك الطغاة، ورحل إليها فى سنة 243 وتنبّهوا لمقصده فعملوا على العودة به إلى سامراء واضطرّ أن ينزل على إرادتهم، ويذكر البحترى خروجه إلى دمشق وقدومه منها فى غير قصيدة (?). ويأخذ منذ سنة 245 فى وصف قصوره التى سميت باسم المتوكلية والتى بلغت-كما مر بنا فى الفصل الثانى- نحو العشرين، وكان من أهمها البرج الذى عرضنا له هناك، ويتوقف البحترى مرارا فى مدائحه ليصف تلك القصور من مثل القصر المعروف بالجعفرى والصبيح والمليح وشبداز (?)، وما يزال ينوه بها مباهيا الأمم والشعوب. وفى قصر الجعفرى لقى المتوكل ووزيره الفتح مصرعهما لسنة 247 تحت بصر البحترى وسمعه، وهاله ما رأى، مما جعله يرثى المتوكل برائيته زاعما أنه دافع عنه بيديه، ويسجل على ابنه المنتصر-كما مرّ بنا فى الفصل الماضى-اشتراكه فى المؤامرة الباغية والفتك به، قائلا (?):

أكان ولىّ العهد أضمر غدرة … فمن عجب أن ولّى العهد غادره

وحرىّ بنا أن نذكر أن البحترى لم يتورط مثل ابن الجهم فى هجاء المعتزلة إرضاء للمتوكل ولا فى هجاء العلويين ولا فى هجاء النصارى. وأظلمت الدنيا فى عينيه بعد مقتل المتوكل وصاحبه الفتح، فخرج إلى المدائن يتعزى، وهناك نظم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015