حتى إذا استمكن من عثرة … أوقد نيران القلى مسرعا
فلم ألم يحيى على فعله … ولم أقل ملّ ولا ضيّعا
وهو عتاب يدل على حس مرهف دقيق. وسرعان ما عاد بينهما الصفاء ومضيا يعبّان من دنان اللهو والمجون حتى كفّ يحيى بأخرة فيما يقال. ولم يلبث أن توفى فبكاه مطيع بكاء حارا، ومن قوله يرثيه ويتفجع عليه:
يا أهلى ابكوا لقلبى القرح … وللدّموع السواكب السّفح (?)
راحوا بيحيى ولو تطاوعنى ال … أقدار لم يبتكر ولم يرح (?)
يا خير من يحسن البكاء له ال … يوم ومن كان أمس للمدح
قد ظفر الحزن بالسرور وقد … أديل مكروهنا من الفرح (?)
وواضح أن مطيعا كان يتقن جميع الفنون الشعرية وأنه يمتاز فى أشعاره بالسلاسة والعذوبة. ولعل ذلك ما جعله يميل فى كثير من نظمه إلى وزن المجتث والأوزان المجزوءة. وكأنما كان يريد أن يوفر لأشعاره كل ما يمكن من خفة ورقة ورشاقة، حتى تجرى على أفواه الناس، وحتى تلذّ آذانهم، ويقول صاحب الأغانى إن حكما الوادى المغنى تغنّى فى قطعة له، فلم يبق سقّاء ولا طحّان ولا مكار إلا غنّى فيها. وقد ظل مطيع سادرا فى غيه ومجونه حتى توفى سنة 169 وقيل بل فى سنة 170 للهجرة لأول خلافة الرشيد.
بصرى من موالى الأزد، وأكبر الظن أنه فارسى الأصل، وكان فى صدر