بجانب بابك. وتجمعت أدلة قاطعة على خيانة الأفشين وزندقته وأنه يبطن الكفر وينتوى الغدر بالدولة والإيقاع بأبطالها وخاصة من العرب أمثال أبى دلف، فيأمر المعتصم بالقبض عليه وإلقائه فى غيابات السجون، ويموت، فيصلب بجانب بابك، ثم يحرق بالنار التى كان يعبدها من دون الله، وما يلبث أبو تمام أن ينشد المعتصم قصيدته البديعة (?):

الحقّ أبلج والسيوف عوارى … فحذار من أسد العرين حذار

وقد صوّر فيها كفران الأفشين بالإسلام وبنعم الدولة ونقضه لما بينه وبين المعتصم من عهود ومواثيق وبغيه الذى أورده موارد الهلاك، وما كان من حرقه بالنار وصلبه قبل ذلك بجوار بابك ومازيار يقول:

ما زال سرّ الكفر بين ضلوعه … حتى اصطلى سرّ الزّناد الوارى (?)

نارا يساور جسمه من حرّها … لهب كما عصفرت شقّ إزار (?)

صلّى لها حيّا وكان وقودها … ميتا ويدخلها مع الفجّار

ولقد شفى الأحشاء من برحائها … أن صار بابك جار مازيّار

سود الثياب كأنما نسجت لهم … أيدى السّموم مدارعا من قار (?)

كادوا النبوّة والهدى فتقطّعت … أعناقهم فى ذلك المضمار

وانعقدت صلة وثيقة بينه وبين ابن الزيات منذ وزارته للمعتصم سنة 225 وكذلك بينه وبين كاتبه الحسن بن وهب وظل يمدح أبا سعيد الثغرى وخالد بن يزيد والى أرمينية ومالك بن طوق التغلبى والى الجزيرة، ومدح موسى بن إبراهيم الرافقى والى دمشق للمعتصم والواثق. وتهاداه الرؤساء وكبار رجال الدولة. وتوفى المعتصم وخلفه الواثق فهنأه وعزّاه بقصيدته البديعة: (ما للدموع تروم كلّ مرام) ويضفى عليه مدائح مختلفة. ويظهر أنه أخذ يحس منذ ولاية الواثق سنة 227 ملله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015