وفى تصوير الموت وسكراته، وقد يسوق ذلك بلفظ القرآن الكريم من مثل قوله (?):

يا عجبا كلّنا يحيد عن ال‍ … حين وكلّ لحينه لاقى

كأن حيّا قد قام نادبه … والتفّت الساق منه بالساق (?)

واستلّ منه حياته ملك ال‍ … موت خفيّا وقيل: من راق (?)

وطبيعى أن يطبع أسلوبه فى الزهد بطوابع الأسلوب الوعظى من التكرار وكثرة النداء والاستفهام والأمر. ونراه يشيع فى زهدياته أدعية وابتهالات لربه من مثل قوله (?):

سبحان من لا شئ يحجب علمه … فالسّرّ أجمع عنده إعلان

سبحان من هو لا يزال مسبّحا … أبدا وليس لغيره السّبحان

وقوله (?):

إلهى لا تعذّبنى فإنّى … مقرّ بالذى قد كان منّى

ومالى حيلة إلا رجائى … لعفوك إن عفوت وحسن ظنّى

وبجانب ذلك نراه يذيع دعوة واسعة إلى محاسن الأخلاق كما يذيع حكما وأمثالا كثيرة مقتبسا لها من الآداب الفارسية كما أسلفنا، ومما روى عن حكماء العرب مثل لقمان (?)، وأفرد لها-كما مرّ بنا فى غير هذا الموضع-قصيدته «ذات الأمثال» التى يقال إنها امتدت إلى أربعة آلاف بيت.

وكانت عامة بغداد تتعلق بحكمه ووعظياته وزهدياته، وفى أخباره أن بعض الملاحين غنوا الرشيد فى إحدى نزهاته على صفحات دحلة بعظة من عظاته (?)، وفى ذلك ما يدل على ما كان لأشعاره الزاهدة من صدى عميق فى نفوس الطبقة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015