فى الحياة وعواقبها وفى البعث والنشور والموت والفناء، وكان من حين إلى حين ينيب إلى ربه، مما جعله يردد أنغاما مختلفة فى الزهد والدعوة إلى الانصراف عن الشهوات ومتاع الحياة الزائلة والإعداد للآخرة بالتقى والعمل الصالح من مثل قوله (?):
يا طالب الدنيا ليجمعها … جمحت بك الآمال فاقتصد
والقصد أحسن ما عملت له … فاسلك سبيل الخير واجتهد
واعمل لدار أنت جاعلها … دار المقامة آخر الأبد
وكان يدعو الله ويبتهل له ابتهالات كثيرة. وكنا نتمنى لو اختلط مثل هذا التفكير فى الحياة والموت ومصير الإنسان والقدر وما ينزله بالناس من خير وشر بمجونياته وخمره ونشوته بها، إذن لما انتظرنا طويلا حتى يوجد عمر الخيام ولكان أبو نواس خياما آخر ولوجد من مسائل الحياة الكبرى: مسائل المقادير والشقاء والسعادة والموت والفناء ما يشغله عن فسقه ومجونه وفحشه وهزله وعبثه الوقح مع الغلمان والجوارى. ومرّ بنا فى الفصل السابق أنه عنى فى بعض أشعاره بقالب الرباعيات والمسمطات غير أنه لم يتسع بذلك، وكان أهم ما وفّر له عنايته صفاء النغم وعذوبته. ولعل ذلك هو الذى دفعه إلى الإكثار من الأوزان القصيرة والمجزوءة
ولد أبو العتاهية إسماعيل بن القاسم بن سويد بن كيسان فى «عين التّمر» بالقرب من الأنبار سنة 130 للهجرة، وكان أبوه نبطيّا من موالى بنى عنزة، أما