بمثل قوله: «أما لهذا الأعمى الملح المشنّف (?) المكنّى بأبى معاذ من يقتله (?)؟ ! » وتعاون واصل وأتباعه من معتزلة البصرة أمثال عمرو بن عبيد على طرده عن مدينتهم، وكان الخوف قد بلغ من نفس بشار، فبارحها وظل غائبا عنها حتى توفى عمرو (?) ابن عبيد خليفة واصل سنة 144 للهجرة. ونراه يقصد إلى حرّان فى سنة 127 فيمدح سليمان (?) بن هشام بن عبد الملك إلا أنه لا ينبله ما كان يؤمله (?)، فيتجه إلى واسط، حيث يزيد بن عمر بن هبيرة والى العراق لعهد مروان بن محمد وزعيم قيس، فيستقبله استقبالا حافلا، ويغدق عليه من برّه وصلاته السنية (?)، ويغدق عليه بشار من شعره، وكان يزيد يتعصب لقومه من قيس تعصبا قويّا، وصادف ذلك هوى فى نفس بشار إذ كان ولاؤه لبنى عقيل القيسيين، وكان مروان بن محمد يؤثر قيسا على بقية القبائل العربية ويعتمد عليها فى حروبه مع الثوار من بنى عمه وغيرهم، فاندفع بشار يمدح ابن هبيرة ويفخر بقيس ومواليه القيسيين فخرا عارما.
ولم تلبث رايات العباسيين السوداء أن أقبلت فى سنة 131 للهجرة من خراسان، وطوّحت جيوشهم ببنى أمية وواليهم يزيد، وانعقد لسان بشار شاعر خصومهم فلم يستطع أن يفد على السفاح ولا على المنصور، وكان نجم خالد بن برمك آخذا فى التألق إذ استوزره المنصور ثم ولاه ولاية فارس، وكأنما رأى فيه بشار لحمة نسب تصله به إذ كان إيرانيّا مثله، فوفد عليه يمدحه، وخالد يجزل له فى العطاء والإكراام (?). ويحس بشار فى عمق بإقبال الدنيا عليه، فيتغنّى بشعوبيته ويفخر بقومه الفرس فخرا مسرفا.
ويعود إلى البصرة بعد وفاة عمرو بن عبيد، ولا يكاد العام يستدير حتى يثور العلويون بزعامة إبراهيم بن عبد الله سنة 145 للهجرة، ويخيل إليه أن الانتصار من إبراهيم وثورته قاب قوسين أو أدنى فيمدحه بقصيدة ميمية رائعة، وسرعان