ما اختاروا، فلما حملوه إليه أمرهم بنقله، فنقل، وقد قيل إن يوحنا بن ماسويه ممن نفذ إلى بلد الروم (?)» ويقول ابن نباته فى ترجمته لسهل بن هرون: «جعله المأمون كاتبا على خزائن الحكمة وهى كتب الفلاسفة التى نقلت للمأمون من جزيرة قبرص، وذلك أن المأمون لما هادن صاحب هذه الجزيرة أرسل إليه يطلب خزانة كتب اليونان، وكانت مجموعة عندهم فى بيت لا يظهر عليه أحد، فأرسلها إليه، واغتبط بها المأمون، وجعل سهل بن هرون خازنا لها (?)».
ونحن نقف قليلا عند هؤلاء المترجمين بتلك المؤسسة الكبيرة، وأولهم الحجاج ابن مطر وقد اشتهر بتحريره لكتاب الأصول فى الهندسة لأوقليدس (?) وكتاب المجسطى لبطليموس (?). وأما يحيى بن البطريق فكان يجيد اللاتينية واليونانية جميعا وقد ترجم لأفلاطون قصة طيماوس وترجم لأرسططاليس مختصرا فى النفس وكتبه فى الآثار العلوية وفى الحيوان وفى العالم (?) وكتاب أرسطو إلى الإسكندر المعروف باسم سر الأسرار، وهو مما نحل على أرسطو ويشتمل على مزيج من القصص وبعض القواعد فى السياسة وفى الصحة والتغذية، وترجم أيضا كتاب الترياق لجالينوس (?).
وقد مضى التعريف بيوحنا بن ماسويه، أما سلم وسهل بن هرون فلم يكونا ممن ينقلون عن اليونانية، إنما كانا ممن يراجعان النقل عنها وينقّحان فيه، وهما من أنبه المترجمين عن الفارسية كما أسلفنا. وممن أخذ اسمه يلمع منذ عهد المأمون فى الترجمة حنين بن إسحق، وكان دقيقا فى ترجمته حتى قالوا إن المأمون رسم له أن يأخذ وزن ما يترجمه ذهبا وقد عاش إلى سنة 264 ومكانه لذلك كتاب العصر العباسى الثانى.
ومن كبار المترجمين سوى من سميناهم عبد المسيح بن عبد الله بن ناعمة الحمصى المتوفى حول سنة 220 للهجرة وقد اشتهر بترجمته لكتاب الأغاليط لأرسططاليس وشرح يحيى النحوى (يوحنا فيلوبونوس) على كتاب السماع الطبيعى له أيضا،