نشأ الصراع أولاً بين العرب والبربر وبين اليمنية والمضرية من العرب أنفسهم، ثم دخل بلج بن بشر بن عياض القشيري الأندلسي وفي صحبته عشرة آلاف، ألفان من الموالي والباقي من بيوت العرب، ويسمى هؤلاء الطالعة الأولى من الشاميين، أما الطالعة الثانية فهي العدد وقد وصلت بصحبة أبي الخطار الكلبي. وقد أضاف هؤلاء الشاميون عنصرا جديدا إلى عناصر الخصومة في الأندلس، إذ اتحد ضدهم البلديون من العرب والبربر، وأخذوا يحاربونهم ويقولون: بلدنا يضيق بنا فاخرجوا عنا (?) ويبدو انهم يعنون ببلدهم مدينة قرطبة وحدها، لان أبا الخطار حين قدم الأندلس فرق الشاميين في الكور فأنزل أهل دمشق بالبيرة وأهل الأردن برية وأهل فلسطين بشذونة وأهل حمص بأشبيلية وأهل قنسرين بجيان وأهل مصر بباجة وقطيعا بتدمير، وكان إنزالهم على أموال أهل الذمة من العجم (?) ولعل هؤلاء هم الذين يسميهم ابن حزم: " الأجناد الستة "، في قوله في رسالة فضل الأندلس: " ومنها كتب مؤلفة في أصحاب المعاقل والأجناد الستة بالأندلس "، وهذه هي الأقسام التي أصبحت تسمى أيضا " كورا " (?) وأضيفت إليها غيرها من الكور، فاستعمال ابن حزم لكلمة الأجناد قد يشير إلى أن الكلمتين مترادفتان في معناهما.
وهؤلاء الشاميون كونوا مع الأمويين عصبية واحدة، وقد تضم كلمة " الأمويين " في هذه القرينة من كان أمويا صليبية ومن كان من موالي الأمويين، ولهؤلاء الموالي مركز اجتماعي رفيع ومنهم بيوت مشهورة بالأندلس مثل بني أبي عبدة وبني شهيد وبني حدير وغيرهم، وقد نالوا مقام الحظوة عند أمراء بني أمية، ودونهم في المنزلة " الخلفاء " وهم فتيان القصر في العهد الأموي، وهم أول من تؤخذ منهم البيعة (?) وكان