العامرين والبرابرة وبعض الظاهرين من أبناء العرب.
ولما انقلبت الوحدة إلى تكثر أصبحت الأندلس دولا متعددة، لكل دولة حاكم وإدارة وجيش وحياة أدبية وفكرية شبه مستقلة، وأصبحت العلاقات بين الحكام قائمة على التحرز والحذر وإنفاق الأموال في بناء الحصون (?) والاستكثار من المرتزقة في حال الدفاع، إذ غدت مشكلة الحدود الداخلية أهم مشكلة وأبرزها بين أولئك الأمراء؛ أو أصبحت قائمة على طلب التوسع والغلبة وانقضاض القوي منهم على الضعيف في حال الهجوم. وفيما بين ذلك محالفات توجهها المآب العابرة، ثم لا تلبث من بعد ذلك ان تنفصم. وفي هذا فقد الأمراء القدرة حتى على التوحد المؤقت أمام الخطر المشترك، ذلك لأنهم رضوا أول الأمر؟ متفرقين - أن يدفعوا الجزية الروم، ثم عجزوا عن جمع الكلمة حين أصبحت الجزية مكسبا لا يكفي القوي الغالب، واصبح اقتصاص الحدود واقتضاض الفرص المؤاتية للغزو هو المبدأ السائد. بل لعلهم ذهبوا إلى ما هو ابعد من ذلك حين كانوا يحتكمون إلى صاحب الروم في خلافتهم الداخلية، أو حين يستعين به المضعوف منهم ليأخذ له بحقه. وبذلك تفتت الصخرة الصلبة المخوفة إلى أجزاء صغيرة واهنة، وأصبحت الأندلس معبرا لقوى الشمال والجنوب، فهي إما عرضة لغزو الروم، وهي إما جزء من المغرب، ولم يبق لها شخصيتها القديمة، لأن أمراءها شاءوا أن يفزعوا إما إلى الشمال أو إلى الجنوب، وفيما كانوا يتقاتلون على تحقيق أطماعهم الفردية الصغيرة وقعوا فريسة لأطماع خارجية.
فإذا شئنا الدقة قلنا نؤرخ هذا العصر؟ من الناحية الأدبية، إننا نؤرخ وقوع الأندلس بين قوتين ضاغطتين أو كلكلين ثقيلين تقع