ويعجبنا ولكن لا شك في أن الأندلسيين كانوا اقرب منا واقدر على تذوق تلك الخرجات العامية والأعجمية وتقدير ما فيها من براعة وحذق.
ولقد نضع اليوم مقياسا يعتمد طبيعة الموضوع الذي تعالجه الموشحة، فان النغمات الراقصة الوثابة تلائم الغزل مثلا، ولكن قد يكون من الجرأة البالغة ان يعتمد الوشاح تلك الجزئيات الفسفسائية لموضوع كالرثاء، فحين نرى وشاحا قد وفق في الرثاء، رغم ذلك، فقد كلفته المحاولة جهدا كبيرا، وقد كان عبادة القزاز بهذا المعنى، من اجرأ الوشاحين، فهو يتفنن في الخرجات، وهو يسخر الموشحة لموضوعات دقيقة كأن يصف مثلا منظر السفن والعرض البحري يوم المهرجان اذ يقول (?) :
فقلت مستنطق ... من ذا الذي أهدى
إلى فؤادي الخفقان ... فقال قمفلتنظر في الشاطي
إلى بنود الشوان ... عدواك ثمواستخبر أقراطي
أما تراها مثول ... على قناها خافقة
في جاريات تجول ... مثل الجياد السابقة
إنشاء من في المحول ... ينشي السحاب الوادقة
سمت على النجم طول ... منها فروع باسقة
ان الثريا تقول ... وانها لصادقة
ما فوق هذا المكان ... من الهممفيه يرى مناطي
سمت على كيوان ... من القدموالمشتري مواطي