على أن فارسي ميدان الزهد اللذين جريا فيه إلى نهايته وجعلا منه فنا هما ابن العسال وأبو اسحق الألبيري:

أما ابن العسال فكان زاهد طليطلة المشهور بالكرامات واجابة الدعوات ولما سقطت طليطلة رحل عنها وسكن غرناطة وتوفي بها (- 487) وكان قبره فيها مكرما والناس يزورونه في عصر ابن سعيد (?) وليس كثيرا ما وصلنا من شعره الزهدي ولكن ربما كان من أقوى نماذجه قوله (?) :

انظر الدنيا فان أبصرتها شيئا يدوم ... فاغد منها في أمان إن يساعدك النعيم ... وإذا أبصرتها منك على كره تهيم ... فاسل عنها واطرحها وارتحل حيث تقيم ... وأما أبو اسحق الالبيري فهو إبراهيم بن مسعود التجيبي الغرناطي (- 460) وكان من أهل العلم والعمل معروفا بالصلاح، وقد نفي إلى البيرة فأصبح يعرف بالالبيري، وهو يمثل حلقة الوصل المتوسطة في تاريخ الزهد الأندلسي، فقد روى هو مؤلفات ابن أبي زمنين وأشعاره ثم تشبه به ابن العسال وعلى طريقته جرى، وكانا معا فرسي رهان في ذلك الزمان صلاحا وعبادة (?) ومن اللافت للنظر أن هذين الزاهدين كانا من أشد الناس إحساسا بسوء الأوضاع السياسية في وطنهما، فبكى ابن العسال سقوط بريشتر ثم سقوط طليطلة، وكان الالبيري صاحب الدعوة إلى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015