التابعين. قالوا وتدعو الحاجة اليه في كثير من المسائل الشرعية مثل تعصيب الوراثة وولاية النكاح والعاقلة في الديات والعلم بنسب النبيّ صلى الله عليه وسلم وأنه القرشيّ الهاشمي الّذي كان بمكة وهاجر الى المدينة فانّ هذا من فروض الايمان ولا يعذر الجاهل به. وكذا الخلافة عند من يشترط النسب فيها. وكذا من يفرّق في الحرّيّة والاسترقاق بين العرب والعجم. فهذا كله يدعو الى معرفة الأنساب ويؤكد فضل هذا العلم وشرفه فلا ينبغي أن يكون ممنوعا.

وأمّا حديث ابن عباس أنه صلى الله عليه وسلم لما بلغ نسبه الى عدنان قال من هاهنا كذب النسّابون يعني من عدنان. فقد أنكر السهيليّ روايته من طريق ابن عبّاس مرفوعا وقال الأصح انه موقوف على ابن مسعود. وخرّج السهيليّ عن أمّ سلمة أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: معدّ بن عدنان بن أدد بن زيد بن البرّي بن أعراق الثري. قال وفسرت أم سلمة زيدا بأنه الهميسع والبرّي بأنه نبت أو نابت واعراق الثري بأنه إسماعيل، وإسماعيل هو ابن إبراهيم وإبراهيم لم تأكله النار كما لا تأكل الثرى. وردّ السهيليّ تفسير أمّ سلمة وهو الصحيح، وقال إنما معناه معنى قوله صلى الله عليه وسلم كلكم بنو آدم وآدم من تراب لا يريد أنّ الهميسع ومن دونه ابن لإسماعيل لصلبه وعضد ذلك باتفاق الأخبار على بعد المدّة بين عدنان وإسماعيل التي تستحيل في العادة أن يكون فيها بينهما أربعة آباء أو سبعة أو عشرة أو عشرون لأن المدّة أطول من هذا كله كما نذكره في نسب عدنان فلم يبق في الحديث متمسّك لأحد من الفريقين. وأما ما رووه من أنّ النسب علم لا ينفع وجهالة لا تضرّ فقد ضعّف الأئمة رفعه إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم مثل الجرجاني وأبي محمد بن حزم وأبي عمر بن عبد البرّ. وألحق في الباب أنّ كل واحد من المذهبين ليس على إطلاقه فانّ الأنساب القريبة التي يمكن التوصّل إلى معرفتها لا يضرّ الاشتغال بها لدعوى الحاجة اليها في الأمور الشرعية من التعصيب والولاية والعاقلة وفرض الايمان بمعرفة النبي صلى الله عليه وسلم، ونسب الخلافة والتفرقة بين العرب والعجم في الحريّة والاسترقاق عند من يشترط ذلك كما مرّ كله وفي الأمور العادية أيضا تثبت به اللّحمة الطبيعية التي تكون بها المدافعة والمطالبة. ومنفعة ذلك في اقامة الملك والدين ظاهرة. وقد كان صلى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015