مصر، وشيّعت الأخبار عني بالهلاك، فقدّم للوظيفة من يقوم بها من فضلاء المالكيّة، وهو جمال الدّين الأقفهسي [1] ، غزير الحفظ والذكاء، عفيف النّفس عن التصدّي لحاجات النّاس، ورع في دينه، فقلّدوه منتصف جمادى الآخرة من السنّة.
فلما رجعت إلى مصر، عدلوا عن ذلك الرأي، وبدا لهم في أمري، فولّوني في أواخر شعبان من السنة. واستمررت على الحال التي كنت عليها من القيام بالحقّ، والإعراض عن الأغراض، والإنصاف من المطالب، ووقع الإنكار عليّ ممّن لا يدين للحق، ولا يعطي النّصفة من نفسه، فسعوا عند السلطان في ولاية شخص من المالكية يعرف بجمال الدين البساطي [2] ، بذل في ذلك لسعاة داخلوه، قطعة من ماله، ووجوها من الأغراض في قضائه. قاتل الله جميعهم، فخلعوا عليه أواخر رجب، سنة أربع وثمانمائة. ثم راجع السلطان بصيرته، وانتقد رأيه، ورجّع إليّ الوظيفة خاتم سنة أربع وثمانمائة، فأجريت الحال على ما كان. وبقي الأمر كذلك سنة وبعض الأخرى. وأعادوا البساطي الى ما كان، وبما كان، وعلى ما كان، وخلعوا عليه سادس ربيع الأوّل سنة ست وثمانمائة [3] ، ثم أعادوني عاشر شعبان سنة سبع وثمانمائة [4] ، ثم أدالوا به منّي أواخر ذي القعدة [5] من السنة وبيد الله تصاريف الأمور.
تم الجزء السابع من تاريخ ابن خلدون وبتمامه اكتمل للمؤرخ ديوان المبتدإ والخبر من عرب وعجم وبربر ويليه الجزء الثامن وهو فهارس عامة للتاريخ المذكور وضع باشراف دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع في بيروت.
وكان الفراغ من طبعة في الرابع والعشرين من شعبان عام 1401 هـ الموافق 26 حزيران 1981 م والحمد للَّه رب العالمين.