إلى الشّام، جمع السلطان عساكره، وفتح ديوان العطاء، ونادى في الجند بالرحيل الى الشام، وكنت أنا يومئذ معزولا عن الوظيفة [1] ، فاستدعاني دواداره يشبك [2] وأرادني على السّفر معه في ركاب السلطان، فتجافيت عن ذلك. ثم أظهر العزم عليّ بليّن القول، وجزيل الانعام فأصخيت، وسافرت معهم منتصف شهر المولد الكريم من سنة ثلاث وثمانمائة، فوصلنا إلى غزّة، فأرحنا بها أياما نترقّب الأخبار، ثم وصلنا إلى الشام مسابقين الططر إلى أن نزلنا شقحب [3] ، وأسرينا فصبّحنا دمشق، والأمير تمر في عساكره قد رحل من بعلبكّ [4] قاصدا دمشق، فضرب السلطان خيامه وأبنيته بساحة قبّة يلبغا. ويئس الأمير تمر من مهاجمة البلد، فأقام بمرقب على قبّة يلبغا يراقبنا ونراقبه أكثر من شهر، تجاول العسكران في هذه الأيام مرات ثلاثا أو أربعا، فكانت حربهم سجالا، ثم نمي الخبر إلى السلطان وأكابر أمرائه، أن بعض الأمراء المنغمسين في الفتنة يحاولون الهرب إلى مصر للثورة بها، فأجمع رأيهم للرجوع إلى مصر خشية من انتقاض الناس وراءهم، واختلال الدّولة