وصرف هولاكو وجهه إلى بلاد أصبهان، وفارس، ثم إلى الخلفاء المستبدّين ببغداد، وعراق العرب، فاستولى على تلك النّواحي، واقتحم بغداد [1] على الخليفة المستعصم، آخر بني العباس [2] وقتله، وأعظم فيها العيث والفساد، وهو يومئذ على دينه من المجوسيّة، ثم تخطّاه إلى الشام، فملك أمصاره وحواضره إلى القدس، وملوك مصر يومئذ من موالي بني أيّوب قد استحاشوا ببركة صاحب صراي، فزحف إلى خراسان ليأخذ بحجزة هولاكو عن الشام ومصر. وبلغ خبره إلى هولاكو فحرد [3] لذلك، لما بينهما من المنافسة والعداوة، وكرّ راجعا إلى العراق، ثم إلى خراسان، لمدافعة بركة. وطالت الفتنة بينهما إلى أن هلك هولاكو سنة ثلاث وستين من المائة السّابعة، وزحف أمراء مصر من موالي بني أيّوب، وكبيرهم يومئذ قطز، وهو سلطانهم فاستولى على أمصار الشام التي كان هولاكو انتزعها من أيدي بني أيوب، واحدة واحدة، واستضاف الشام إلى مصر في ملكه. ثم هدى الله أبغا بن هولاكو إلى الإسلام، فأسلم بعد أن كان أسلم بركة ابن عمّه صاحب التخت بصراي من بني دوشي خان على يد مريد من أصحاب شمس الدين كبرى [4] ، فتواطأ هو وأبغا بن هولاكو على الإسلام. ثم أسلم بعد ذلك بنو جقطاي وراء النّهر، فانتظمت ممالك الإسلام في أيدي ولد جنكيزخان من المغل، ثم من الطّطر، ولم يخرج عن ملكهم منها إلّا المغرب والأندلس ومصر والحجاز، وأصبحوا، وكأنهم في تلك الممالك خلف من السلجوقيّة والغزّ. واستمرّ الأمر على ذلك لهذا العهد، وانقرض ملك بني هولاكو بموت أبي سعيد آخرهم سنة أربعين من المائة الثامنة [5] . وافترقت دولتهم بين عمّال الدولة وقرابتها من المغل، فملك عراق العرب، وأذربيجان [6]